الجامعات الأردنية الرسمية تحتضر في غرف الإنعاش

بقلم : جمال حداد

اعتصامات حاشدة للعاملين ، مشاجرة واسعة بين الطلبة ، عشرات المسلحين الملثمين يتجولون في الساحات ، إحراق سيارات ، سقوط وفيات ، ظهور عبدة الشيطان ، قرارات عرفية لمجالس العمداء ، مناقلات وترقيات مخالفة ، فروع وهمية للجامعات ،هذه بعض من عناوين الأخبار التي تم تداولها بشكل واسع في الصحف الإلكترونية خلال الأيام الماضية فيما تحاول إدارة الجامعات نفي كل هذه الأخبار، وكأن الجامعات في حال غير التي هي فيها. 

حركة الاحتجاجات الطلابية المتصاعدة في كافة أروقة الجامعات الأردنية ما هو انذار مبكر لصعود تلك الجامعات لتحتل مرتبة متقدمة في قائمة الجهات التي ستشكل مصدر خطر على الدولة والمجتمع ، بدلا من تكون مصدر تطوير وتقدم وخدمة المجتمع فعندما تنتقل المشاجرات من الحرم الجامعي الى خارج اسوار الجامعة، وعندما يستخدم المتشاجرون داخل اسوار الجامعة الادوات التي تستخدم في المشاجرات التي تحدث في الشوارع والحارات خارج الجامعة، وعندما تنتقل المشاجرة من جامعة الى اخرى ومن محافظة الى اخرى ، وعندما يغلب على المشاركة في المشاجرات طابع الفزعة والنخوة - وابشر لعيناك – وتنشغل الوجاهات والمخاتير والذوات والنواب والاعيان في التدخل في شؤون المشاجرات ، وعندما ينشغل رؤساء الجامعات ونواب الرئيس ومجالس العمداء والعمداء ورؤساء الاقسام ومساعدو العمداء في الكليات في السيطرة على المشاجرات بدلاً من الانشغال في تطوير الجامعات والخطط والمناهج التدريسية والشؤون الطلابية وخدمة المجتمع، عندما ينشغل الآباء والامهات والجدات و- الطنطات - والخالات والجارات في ابنائهم المتواجدين في الحرم الجامعي عند حدوث المشاجرات ويتمنون قدوم اليوم الذي سيتخرج به ابنائهم وفلذات اكبادهم من الجامعة، وعندما يعتدي المتشاجرون على ممتلكات الجامعة ويتلفونها ويخربونها ، وعندما تنشغل الفضائيات والمواقع الالكترونية والاعلام بنقل ما يجري في ساحات الجامعات من عنف وايذاء ونشر صور قاتمة سوداء عن واقع التعليم الجامعي بدلا من نقل التميز والابداع والتفوق الطلابي ؛ ترى هل يجرؤ من يقول ان الجامعة لم تعد مصدرا للخطر على المجتمع والدولة !!!. 

ما تعاني منه الجامعات الأردنية الرسمية من تراجع غير مسبوق على كافة المستويات يؤكد أن الجامعات تعاني من عدة أمراض وهي في غرفة الإنعاش، وهو الأمر الذي يستوجب تدخل وزير التعليم العالي الجديد من أجل إصلاح الوضع ووضع حد لحالة التخبط والارتجال في اتخاذ القرار في الجامعة، وإعادة الاعتبار لها وتفعيل دورها في التفاعل الإيجابي مع أسرتها أولاً ومع المجتمع المحلي ثانياً، فالجامعات من الداخل باتت أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، وعلى الصعيد المحلي فإن الجامعات باتت أشبه بقرية نائية أو جزيرة معزولة لا تؤثر أو تتأثر بما يحيط بها بفعل عزوف أعضاء هيئة التدريس فيها عن المشاركة في أي أنشطة مجتمعية بحكم القيود والتعقيدات التي صنعتها القوانين المتلاحقة التي اتخذتها إدارة الجامعة. 

أما مجلس أمناء الجامعة فهو شبه غائب عن الجامعات ولا يمارس أي دور سواء في الرقابة أو التوجيه والأنظار تتجه إلى وزير التعليم العالي الجديد في أن تشمل التغييرات المرتقبة على كافة رؤساء الجامعات بلا استثناء ، وأن يترافق مع قدوم كل رئيس جديد قيادة جديدة للجامعة بحيث لا يرث الرئيس الجديد أعباء وتركة من الفترة السابقة، لا سيما وأن رئيس الجامعة هو وجهها المشرق وحلقة الوصل مع المجتمع فالأردن يحتضن كفاءات أكاديمية تستطيع انتشال الجامعات من وهدتها و استعادة مكانتها وسمعتها الأكاديمية.