عودة الباص السريع


بدأ مشروع الباص السريع من مثلث صويلح باتجاه وسط العاصمة عمان قبل ما يقرب من العامين، وكانت أمانة عمان الكبرى ممثلة برئيسها، والدائرة الهندسية فيها، هي المعنية بالتخطيط والمسؤولة عن مراحل التنفيذ، حيث تم اقتطاع نسبة من منتصف شارع الملكة رانيا العبدالله ثم بوشر بتعبيد الجزء المقتطع، وفجأة توقف العمل عند وصول الجرافات والمعدات للمنطقة المواجهة لبوابة جريدة الرأي، ويومها قيل أن دراسة الجدوى الاقتصادية لم تكن بالمستوى الذي ُيلبي الطموحات المنشودة.

قبل أيام، بثت إحدى الفضائيات المحلية، خبرا ً يُفيد بعودة مشروع الباص السريع، وفي التفاصيل عرفنا أن وزارة الأشغال العامة، سوف تتولى إكمال مراحل العمل، ومن الواضح بان فكرة إحياء هذا المشروع لا تزال قيد الدراسة والبحث، إذ لم تقدم أية بيانات حول أسباب التوقف وماهي الحقائق التي تم التوصل إليها، وأين تكمن المعوقات، ومن هو المسؤول المخول بالحديث أو اتخاذ القرارات بهذا الشأن. 

عند إنطلاق المرحلة الأولى من مشروع الباص السريع، شهدت المنطقة القريبة من بوابة الجامعة الأردنية وما حولها، اختناقات مرورية مربكة، وفي حينه تم رصد سلسلة من الملاحظات والتعليقات التي نميل لإعادة التذكير بها على النحو الآتي: 

أولا ً- إذا افترضنا أن خط سير المشروع سيربط بين منتصف مدينة عمان وجبالها، فما هي الإحتياطات التي ستتخذ عند الوصول للمناطق الوعرة أو المكتظة بالأبنية القديمة؟، وماذا عن كلفة الاستملاكات ؟، وهل هنالك مرحلة زمنية، ينتهي فيها المشروع بأقل قدر ممكن من وجود العراقيل التي نحسب أنها ستشوش على سير عمل الجمهور ؟.

ثانيا ً- سمعنا من أحد مهندسي أمانة عمان الكبرى أنه تم التعاقد مع الجهات الفرنسية للحصول على قرض يكفي لتمويل هذا المشروع، وبالعودة لحسابات الجدوى الاقتصادية، فهنالك جملة تساؤلات، منها على سبيل المثال ما يتعلق بنصوص هذه الاتفاقية، وفيما إذا تم التركيز على أن قيمة القرض ستسدد من خلال مردود عمل الباص السريع،أم أنها ستضاف بعد حين لعبء المديونية التي باتت تؤرق نوم دافعي الضرائب من أبناء المجتمع الأردني .

من المفيد القول: بان رؤساء البلديات في معظم العواصم العالمية، يميلون للتوسع في بناء المشاريع الخدمية بعيدا ًعن الأحياء السكنية القائمة، والتي تصبح مع الزمن جزءًا من تراث المدينة المعماري أو التاريخي، وهي نظرة مبنية على بعدين، الأول- يهدف لتجنب شعور أصحاب العمارات التي سيطالها التنظيم الجديد بالغبن، إذ من المعلوم بأن قيمة التعويض التي تدفع لهم في مثل هذه الحالات، تكون أقل بكثير من السعر الدارج في السوق، أما البعد الثاني- فهو تنموي وتنظيمي بآن واحد، إذ يتم التوجه للمناطق التي تكون مهيأة لإقامة المشاريع وفقًا لأحدث النظريات التي تنسجم مع متطلبات حركة التجدد والمواكبة.

أما أزمات السير الراهنة، فهي ليست مقتصرة على العاصمة وحدها، فهي تشمل جميع المدن والقرى الأردنية، والسبب هو وجود أعداد كبيرة من الأشقاء العرب، الذين جاءوا للدراسة أو العمل، وبعضهم فر من جحيم الاقتتال في بلده، وهذا هو المشهد الذي نأمل أن تتجلى فيه عبقرية المهندسين الذين يعنيهم مبدأ التخطيط الاستراتيجي في حركة التمدد العمراني. 

بقلم:عبدالمجيد جرادات