أبو شريك

كلما سمعتُ تصريحا لمسؤول حول» الشراكة»، مثل تعبير «وأكد أننا كلنا شركاء في الموضوع الفلاني»، أو العبارة التقليدية التي مللنا من سماعها وتردادها وهي «كلنا في مركب واحد». وللأسف الكلام حلو وجميل ولكن كل طرف يفسّره على هواه وعلى مزاجه وبحسب مصلحته. فلم يعد هناك مراكب ولا حتى مراكب صيد. وبتنا في زمن كل شخص يسعى للنجاة بنفسه، او كما يقولون:» اللهم نفسي».

الغريب أن بعض هؤلاء المسؤولين يدركون انهم غير صادقين وان الطرف الآخر يعرف أن المسألة لا تتجاوز حدود «المجاملات» ومشاريع» التعارف» وإظهار «النويا الحسنة». والدليل على ذلك، أن الأيام سرعان ما تكشف أن تلك» الشراكة» ما هي الاّ طبَقة من «الزبدة» الرقيقة التي «تسيح» بمجرد طلوع النهار وتعرضها لأول اختبار حقيقي. عندها تتغير المفردات، ويتبادل الطرفان الاتهامات واللعنات واللكمات من فوق الحزام ومن تحت الحزام، ومن فوق السرّة ومن أي مكان.

قبل سنوات ، كنا نسمع كلمة» أبو شريك»، وكانت بمثابة» نداء» بين العامة الذين لا يعرفون بعضهم وكوسيلة لتبادل وتحقيق المصالح. وعندما يصادف وجود»امرأة» في الموضوع يتم مناداتها بـ «أُم شريك». لدرجة أنني ظننت حينما سمعتها لأول مرة أن «السيدة « لديها ابن اسمه «شريك». 

الغريب أن المصطلح» أبو شريك وام شريك»، اختفى من حياتنا وكأننا لم نمنحه شيئا من صدقنا. ولهذا بمجرد ما نسمع احدهم يقول: فلانة سوف تصبح» شريكة «حياتي، أتوقع ان ينفصل عنها او «يخونها» او «يكذب عليها» في أحسن الاحوال.

عندنا « الشراكة «تحمل في غموضها عكس معناها. اي الفشل والمشاكل والاختلاف والانانية والانتهازية والمصالح الشخصية الضيّقة. وفي هذا تتساوى «شراكة» الباصات والبكمات والمحال والبسطات والمطاعم والمقاهي والمباني والشقق السكنية. ونادرا جدا جدا ما اتفق اثنان على «شراكة» سكن. كأن يسكنا في شقتين متجاورتين او يتقاسمان مصاريف الكهرباء. دائما وغالبا هناك من ينحاز لذاته ومصالحه الخاصة ومزاجه ونرجسيته.

انا أُحب التعامل مع الامور وحدي. ألعب وحدك،تفضل راضي. 

أنا مثل» الفريك» ما بحبّش «شريك»!.