تغيرات اجتماعية واقتصادية خفضت الإنجاب بالمملكة

 

أخبار البلد

 تبين سلسلة مسوح السكان والصحة الأسرية وفقا لتقرير صدر عن دائرة الإحصاءات العامة مؤخرا انخفاضا جوهريا في معدل الإنجاب الكلي في المملكة، إذ بلغ خلال العام 2012، 5ر3 مقابل 4ر7 العام 1976.

ويوضح التقرير أن الانخفاض الذي شهده معدل الانجاب الكلي في المملكة اسهم في انخفاض معدل النمو السكاني الذي سجل 7ر4 بالمئة العام 1979 و2ر2 بالمئة عام 2012 كما اسهم في انخفاض مماثل في متوسط حجم الاسرة الذي سجل 2ر6 في العام 1979 و4ر5 في العام 2012.
ويشير الى تغيرات اجتماعية واقتصادية اسهمت في حدوث تحولات هامة في الانماط التقليدية المرتفعة للانجاب في المملكة ، منها تراجع ظاهرة الزواج المبكر عما كانت عليه في الماضي ، وزيادة نسبة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي.
ويلفت الى الانتشار الواسع لاستخدام وسائل تنظيم الاسرة مبينا ان نتائج مسوح السكان والصحة الاسرية اشارت الى الارتفاع الملموس في نسبة استخدام وسائل تنظيم الاسرة من قبل السيدات المتزوجات.
مساعدة الامين العام للشؤون الفنية في المجلس الاعلى للسكان رانيا العبادي تقول ان الهدف الإستراتيجي للمجلس هو الوصول الى ثلاثة اطفال لكل امرأة في سن الانجاب في العام 2017 والى 1ر2 طفل لكل امرأة في العام 2030، موضحة ان المؤشرات توحي باننا في الطريق الصحيح وتسير وفقا لما هو مخطط له.
وتشير الى ان الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية / تنظيم الأسرة للاعوام الخمسة المقبلة تم إعدادها بجهود وطنية مشتركة لتبنى على الدروس المستفادة وتحافظ على المكتسبات والإنجازات التي تم تحقيقها من خلال خطة العمل الوطنية للصحة الإنجابية في مرحلتيها الأولى والثانية.
وتستعرض العبادي الاسباب التي ساعدت على انخفاض معدلات الانجاب في المملكة الى الحدود المخطط لها حسب مراحلها، موضحة انها اسباب تتعلق بظروف اجتماعية كالتغيرات التي حدثت في المجتمع مثل ارتفاع سن الزواج الى 26 سنة للاناث والى 36 سنة للذكور في العام 2012.
وتبين ان ارتفاع المستوى التعليمي للاناث اسهم في انخفاض معدلات الانجاب , وهناك علاقة عكسية بين مستوى التعليم ومعدلات الانجاب.
وتقول ان مساهمة المرأة في سوق العمل ,بالرغم من انها لا تزال دون الطموح , الا انها اسهمت في انخفاض معدلات الانجاب.
وتبين أن الظروف الاقتصادية اسهمت ايضا في تغيير سلوك العديد من العائلات نحو الانجاب مؤكدة ان تحسن الخدمات المقدمة من خلال مراكز الامومة والطفولة التابعة لوزارة الصحة سواء في المراكز الصحية الشاملة او الاولية والمنتشرة في مختلف محافظات المملكة والخدمات الطبية الملكية والجمعية الاردنية لتنظيم الاسرة وعيادات القطاع الخاص اسهم في تدعيم عملنا في مجال تنظيم الاسرة من حيث الانتشار وكفاءة الخدمات المقدمة.
وتنوه الى ان كل الجهات المعنية بتقديم خدمات تنظيم الاسرة تقدم المعلومة اللازمة لزيادة الوعي لدى الناس حتى وصلنا حاليا الى مرحلة تقوم بها النساء انفسهن بالذهاب الى تلك المراكز لطلب المشورة والدعم فيما يتعلق بتنظيم الاسرة.
وتشير العبادي الى ان برنامج الصحة الانجابية / تنظيم الاسرة يأخذ موقعا رئيسا في تسريع تحقيق مبدأ ( الفرصة السكانية )، بما قد تجلبه من رخاء اقتصادي وتحسن في نوعية الحياة والتي يكون فيها نمو الفئة السكانية في أعمار القوى البشرية من ( 16-64 سنة) متفوقا بشكل كبير على نمو فئة المعالين في الأعمار دون سن السادسة عشرة وفوق سن 64 سنة.
وتوضح ان المجلس قام بالتعاون مع جميع الجهات التي تقدم خدمات ومعلومات الصحة الإنجابية من الوزارات والمؤسسات المعنية الاخرى اضافة الى الجهات الداعمة , بتنفيذ العديد من المبادرات الرائدة في هذا المجال.
وتبين ان الاستراتيجية لها عدة محاور ذات علاقة بتحديد السياسات الداعمة لقضايا الصحة الانجابية وتنظيم الاسرة وكسب التأييد لدعم قرارات تنظيم الاسرة مثل محور توفر الخدمات بشكل عادل ومتكافئ لجميع المناطق وبجودة عالية وبكوادر مدربة ومتوفرة ومؤهلة , واخر خاص بتفعيل دور القطاع الخاص كشريك للبرنامج , وثالث له علاقة برفع مستوى الوعي لدى المجتمعات المحلية بقواعد تنظيم الاسرة بحيث نصل الى طلب الخدمة المتوفرة في النقاط التي تقدمها.
الخبير الاقتصادي الدكتور جواد العناني يؤكد ان الانخفاض الذي سجله معدل الانجاب الكلي في المملكة بحسب تقرير دائرة الاحصاءات العامة يعتبر كبيرا جدا ، منوها ايضا الى انخفاض معدل وفيات الاطفال في المملكة.
ويلفت العناني رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى ان انخفاض معدل السكان في دولة مثل الاردن يجعل امكانية تحقيق معدلات نمو سنوية في الاقتصاد قادرة على ان تفوق الزيادة في معدل السكان مبينا ان ذلك يعني زيادة مرشحة في معدل دخل الفرد سنويا وتحسن الوضع الاقتصادي للأسر وللمجتمع ككل.
ويقول ان انخفاض معدل الانجاب الكلي ومعدل النمو السكاني يؤدي الى انخفاض في نسبة السكان الذين هم دون سن العمل وتقل اعمارهم عن 16 عاما، وهم الافراد المعالون، وان حاجتنا للمدارس والمستشفيات ورياض الاطفال تقل، وهذا من شأنه تخفيف أعباء على الاقتصاد الوطني وتقليل حجم العبء المادي على الاسر.
ويشير الى انه بحلول العام 2029 وبحسب التقديرات فان الاردن سيصل الى الحد الاقصى الذي يكون فيه عمر السكان في سن العمل وهو ما يسمى (الفرصة السكانية).
ويقول ان المجتمع الاردني حاليا هو مجتمع شاب وفتي وان المتوسط الحسابي لعمر الفرد في هذا المجتمع هو 23 عاما موضحا انه يعتبر اقل من المتوسط الحسابي لعمر الفرد في المجتمعات الاوروبية وان لذلك عدة انعكاسات سلبية وايجابية.
وينوه العناني الى قدرة الجيل الحالي في المجتمع الاردني على الاعتناء بالجيل السابق وتقديم الرعاية اللازمة له وهو ما يفتقده المجتمع الاوروبي، اضافة الى قدرة المجتمع الاردني على فتح مجالات جديدة في الانتاج كالصناعة والزراعة وغيرها من المجالات المنتجة والتي تحتاج لفئة الشباب.
وفيما يخص الجانب السلبي يشير الى ان مستوى التفكير والنضج للفرد في المجتمع الاوروبي اعلى منه في المجتمع الاردني مبينا ان المتوسط الحسابي لعمر الفرد في المجتمعات الاوروبية هو 40 عاما.
ويؤكد ان متوسط عمر الفرد في مجتمعنا يزيد من اعباء الدولة في ضرورة توفير فرص عمل لفئة الشباب لافتا الى انه بانخفاض معدل الانجاب الكلي يرتفع معدل عمر السكان والمتوسط الحسابي لعمر الفرد ويصبح عبء ايجاد فرص عمل أقل.