الفعل لا القول.. يا دولة الرئيس

أتمنى من أعماقي مخلصًا أن يتم تطبيق ما قاله رئيس الحكومة في المؤسسات الحكومية، والتعبير عن هذه الأسس بالعمل والتنفيذ والتطبيق .
ما يهمني قبل التطمينات الاقتصادية الخاصة، فقط، بزيادة حوالات العاملين بالخارج. أو ارتفاع موجودات البنك المركزي، أو ثبات سعر الدينار، بل ما يعنيني أكثر، آليات الحفاظ على المال العام، والحد من الهدر، ومحاربة الفساد المالي والاداري، والقضاء على الترهل والقرارت غير الصائبة، والتحيّز والتمييز وأي شكل من اشكال الظلم وغياب العدالة.
الثورة البيضاء التي تحدث عنها الملك في خطاب العرش، جاءت لتخلق تغييرا شاملا في طبيعة التفكير، وإنهاء أي مظهر من مظاهر الاستغلال والشخصنة الذي بدأ يظهر على الادارة الحكومية الأردنية منذ الساعات الأولى لبداية هذا القرن، عندما جُيِّرت الحكومة وسلطاتها لخدمة المصالح الخاصة، واستغلت المسؤولية لخدمة أصحاب القرار، أكثر من مصلحة الوطن. حيث طوّعت القوانين والأنظمة ومؤسسات الوطن لتكون الجسر الذي يعبر عنه سماسرة السلطة والبزنس لتحقيق المآرب والغايات والمصالح. فتاجروا في كل شيء في هذا الوطن، حتى البشر والحجر والشجر، وهوية الوطن، فبيعت جوازات السفر ضمن المتاجرة بقرار فك الارتباط، وبهتوا كل محاولات قوننته، حتى العقبة الاقتصادية التي كانت حلما وأملا للنهوض الاقتصادي، كما أمّلونا، حوّلوها لمغانم ومكاسب، بعد أن مهّدوا - بالقوانين والتعليمات لمطامعهم وغاياتهم.
يا دولة الرئيس؛ الحلال بيّن والحرام بيّن، فما أن تضع يدك على أي ملف، فسوف تنكشف كل الدهاليز. صنِّف الفساد بالأحرف الأبجدية لتجد تحت كل حرف آلاف القضايا.
سؤال منطقي أطرحه: لماذا لم نبدأ بتنفيذ مشروعات الدعم الخليجي، وهي بالمليارات، ماذا ننتظر؟ ومَن المعني بهذا التأخير؟ خاصة وأن لدينا قوائم جاهزة بمئات المشروعات، وما الغاية من ذلك؟
أبدأ من البنوك: البتراء، والأردن والخليج، وفلدلفيا، و الإنماء الصناعي ..إلخ، لنعيد فتح ملف مصنع الزجاج و والغزل والنسيج ، لماذا لا يبدأ الرئيس بفتح ملف النفط على مصراعيه، ويحيل ملفات عديدة للمدعي العام، أو للنواب، للبحث فيها كل حسب اختصاصه ؟ ملف الأموال المجمدة العراقية أو أموال الأضرار البيئية، أو التهرب الضريبي، النسب على الشقق ، الاعفاءات الضخمة على بعض الشركات والبنوك، لنبدأ بملف البورصة ، أو الاراضي بمجمله ، أو التحول الاقتصادي والاجتماعي ، او ادارة كبتل دبي السابقة ، او شركة الكهرباء ، او موارد ، او العبدلي ، او عطاءات مشروعات المياه والصرف الصحي وبعض السدود ، أو الطاقة النووية، خاصة مشروع المفرق، وقبله العقبة، والتبصر في مشروعات أمانة عمان، وعجز موازنتها، وكذلك قصص بيع وشراء الضمان للاراضي والتعيينات في وحدة الاستثمار ومخالفتها للقوانين، وليطمئن الرئيس على الشركات المتعثرة التي اشتراها الضمان، ما هو مصيرها؟ وليسأل الرئيس وزير العدل عن واقع بعض القضايا بعينها في محاكمنا الرشيدة. وليطرح الرئيس معنا التساؤل التالي: هل قضاؤنا بخير؟ وكيف نحميه؟ وكيف ندعم السلك القضائي بأكمله للمحافظة على نزاهته، على اعتبار أن العدل أساس المُلْك. هل القضاة منصفون؟
يا دولة الرئيس؛ هذا غيض من فيض، فقضايا الفساد موجودة في كل مكان، ولا مبالغة بذلك، لكن بصيص الأمل سيبقى موجودا من حيث: "الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين " .
وأن فرص مكافحة الفساد بثورة بيضاء ناصعة شفافة نزيهة، متاحة وقريبة. فاذا كنت يا دولة الرئيس تقصد ما تحدثت به، فستعالج الكثير مما نتحدث عنه، وعندها سيصفق لك الناس، لأنهم سيكونون قد اقتنعوا فعلا بالإصلاح ، وبغير ذلك فإن هذه الصريحات ستضاف إلى ما تراكم من أقوال ووعود، وسنبقى نأمل المستحيل و نترحم على الماضي .

بقلم: عدنان سعد الزعبي