«حكي وزراء »
لا تكاد تلتقي وزيرا خرج في التشكيل الحكومي الأخير إلا ويقول لك: "سيدي.. أحمد الله إنني تنفست هواء الحرية"، أو "حمل ثقيل وانزاح عن كاهلي". إلى آخر هذه الديباجات التي يحاول فيها "أصحاب المعالي" إخفاء خيبة أملهم من عدم تجديد عبد الله النسور ثقته بهم، ليكونوا في حكومته الثانية.
لكن الوزراء الخارجين في التغيير الذين باتوا حملا على الدولة بعد أن امضوا عدة شهور في سفينة الحكومة وتركوها، بعد أن حازوا على امتيازات وتقاعد مدى العمر، لا يحمدون الله، بل باتوا يصبون جام غضبهم ويوجهون سهام نقدهم إلى الحكومة التي لم تقدر لهم خدماتهم، وأنكرت جميلهم بوقوفهم مع الرئيس في أصعب الظروف، حين رفع أسعار المحروقات، وبات في مواجهة الشارع.
الغريب أن العديد من هؤلاء الوزراء لم يدروا أنهم خارجون من الحكومة إلا قبل وقت قصير جدا من الإعلان عن التشكيل. وكان عدد منهم تلقى مديحا من النسور نفسه، إما بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق نواب مثلاً، لتكون المفاجأة والصدمة كاملة.. وهو مدح استوقف احد النواب فقال قبل نحو أسبوعين، وأثبتت الأيام صدقه:" الله وحده يدري ما الذي يهدف إليه النسور من كيل المدح لعدد من وزرائه".
ولا يتورع هؤلاء أو عدد منهم على الأقل عن كيل النقد إلى الحكومة الجديدة، بل ويشاركهم في ذلك وزراء أسبقون، يستخفون بوزراء جاؤوا ليحتلوا مقاعدهم الوثيرة، معبرين عن سخريتهم من كيفية ربط وزارات ببعضها البعض على طريقة "الكونفدرالية" رغم أنها تضم "سمك، لبن تمر هندي".. مثل الفيلم الشهير.
نقد الحكومة من قبل الوزراء السابقين ليس دليلا على فشلها من عدمه، لكنه رد فعل أولي على عدم اختيارهم من ضمن الطاقم الوزاري، وردة فعل أخرى على ما اعترى شخصياتهم خلال فترة توزيرهم من تغير؛ جعلهم يعتقدون أنهم الأقدر على التعامل مع شؤون وزارتهم وحل المشكلات التي تعترضهم، لو ترك لهم الرئيس المجال لذلك.
لست بوارد مناقشة إن كان أصحاب المعالي اخذوا فرصتهم كاملة، وخرجوا والمشكلات ما تزال تعصف بالعديد من الوزارات التي شغلوها، ولا بالتذكير بان العديد من المسؤولين سرعان ما يتحولون إلى معارضين بمجرد خروجهم من مناصبهم، فالتغير سنة الحياة.. وسنة الحكومات المتعاقبة، سواء أبدع المسؤول في منصبه أو جافاه الإبداع.