الشفافية تتطلب توسيع لجنة تسعير المحروقات

قرار تخفيض المحروقات للشهر الحالي استهلال طيب للحكومة الجديدة، ويأمل المراقبون ان تعزز الحكومة سياسات الاسعار بما يعود بالمنفعة على المستهلكين والمستثمرين والاقتصاد، فالمؤشرات العالمية ودراسات السوق الدولية للنفط والطاقة ترجح انخفاض الاسعار في ضوء تباطوء الاقتصاد العالمي وتوطين الازمات المالية العالمية في منطقة اليورو، وامريكا واليابان، اي ان الطلب العالمي على النفط يرسل اشارات قوية مفادها ان الاسعار قد تستقر ما بين ( 100 الى 110) دولارات للبرميل او دون ذلك، لاسيما وان عرض الطاقة يشهد ارتفاعا مقابل طلب غير منتعش برغم تحسن اداء الاقتصادات الصاعدة مجموعة (بريك).

الاردن الذي يعاني من ارتفاع فاتورة النفط والطاقة على الاقتصاد المقدرة بنسبة 17% الى الناتج المحلي الاجمالي حسب ارقام العام الماضي، حيث تستورد المملكة 96% من الطاقة المستهلكة وفق الاسعار السائدة دوليا، امامه فرصة للتكيف وتخفيض كلفة الطاقة بترشيد الاستهلاك وتنويع مصادر الطاقة ومنح الاولوية لمشاريع الطاقة المتجددة في مقدمتها الطاقة الشمسية، والافصاح عن الجهود الدؤوبة لتطوير حقل غاز الريشة الذي قطع شوطا متقدما بالتعاون مع شركة شل العالمية، وتقديم معلومات للمواطنين والمتابعين لهذا الملف الحيوي.

وفي نفس الوقت فان عملية تسعير المحروقات التي تحتكرها جهات رسمية بعيدا عن اعين النواب وهيئات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المحلي يشوبها اكثر من سؤال، من حيث الموضوعية والعدالة والشفافية، ويزيد الغموض ترديد عدد من المسؤولين ان الحكومة تدعم الطاقة بمئات الملايين من الدنانير، علما بان الاسعار المحلية للمحروقات اعلى بكثير من الاسعار في عدد من الدول غير النفطية بدون مبررات.

هناك قناعة بان المالية العامة تعاني من عجوز كبيرة، وان من حق الدول على المواطنين رفدها بالاموال لاعادة انفاقها لخدمة المجتمع، وهذه المعادلة معروفة ومعترف بها منذ قرون، الا ان عدالة تحمل كلف الدولة رهن بالتوزيع العادل في الاقتصاد، وهذا التوزيع في ادنى مستوياته، والمعادلات البحثية والمؤشرات تشير بدون لبس ان المجتمع الاردني يعاني ضعفا في توزيع ثمار التنمية من جهة وتدني توزيع الناتج المحلي الاجمالي على المواطنين من جهة اخرى، ويؤكد ذلك انسحاق الطبقة الوسطى وارتفاع نسب الفقر في البلاد الى مستويات غير آمنة.

صحيح ان حل معضلات مزمنة وتحديات مالية واقتصادية كبيرة لا يتحقق دفعة واحدة خلال فترة زمنية قصيرة، الا ان اتخاذ قرارات حكومية مهمة لتصويب اختلالات يشكل خطوة صحيحة في رحلة الالف ميل، ومن هذا النوع من الخطوات الصحيحة يبدأ باعادة تشكيل لجنة تسعير المحروقات بتوسيعها بنواب وفعاليات خاصة وهيئات القطاع الخاص وخبراء، وتعلن نتائج اعمالها على المواطنين، عندها سيتقبل المستهلك والمستثمر، وهذا ما ننتظره من الحكومة الجديدة.

بقلم:خالد الزبيدي