وزير الشعب

وزير الشعب
تميل معظم النظم الديموقراطيّة في العالم الى ان يكون الشعب شريكا في صنع القرار من خلال ممثليه المنتخبين على شكل مجالس نوّاب او شيوخ او كنيست او غيرها بحيث تجري هذه الإنتخابات بشكل شفّاف ونزيه تُفرز اشخاصا مُنتخبون يمثّلون الشريحة الاكبر من الشعب وبالتالي تكون مشاركته فعلية وفعّلة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة .
بينما نحن في العالم الثالث العالم المتنامي المشهود له بالكثرة دون مضمون فاقدي الديموقراطيّة والنزاهة والشفافيّة عاشقي العدالة المفقودة والمساواة الضائعة وحريّة التعبير المكبوتة نشعر بأنّه يُضحك علينا بانتخابات موجّهة سلفا وبحكومات يغلب عليها التوريث والشلليّة والمحسوبيّة والمصالح الشخصيّة الضيّقة تُستبعد فيها مصلحة الوطن والمواطن وتركّع فيها احتياجاتهما لرضى وشروط دول وصناديق وبنوك التي عادة ما تكون مُجحفة وتترك مجالا لكي يرتع الفاسدون وينهبوا المزيد من مقدّرات الوطن والمواطنين ويكون الإقصاء سياسة واللون الواحد سبيلا .
لذلك فلا بدّ للحكومات ان تكمل الدراما بأن يختار الشعب ممثلا له في الحكومة ويعيّن وزيرا للشعب وتحدّد صلا حيّاته فيما يخص مصالح الناس مثل حقوق الانسان وإرتفاع الاسعار ورفع الدعم الحكومي عن السلع والدفاع عن حقوق المستهلك والمخزون الكافي من الغذاء والدواء لفترات معيّنة والاجراءات والترتيبات في حالات الطوارئ وغيرها من الامور التي تهمْ الشعب ويكون انتخابه في نفس اليوم الذي يْنتخب فيه مجلس النواب تخفيفا للتكاليف ويستمر لمدة المجلس نفسه ويكون ثابتا تعيينه وزيرا طوال فترة المجلس ويجب ان لا تتعارض مهمّات ذلك الوزير مع صلاحيّات ومهام المجالس الممثّلة للشعب وكذلك لا تتعارض مع مهام الوزراء الآخرين بل يكون هو بمثابة غطاء للإهتمام الحكومي لمصالح الشعب.
قد تكون الفكرة غير متناسبة مع الواقع العملي لما يجري في دويلاتنا الآن ولكنها فكرة لتعمي الابصار عمّا يجري قبل ان تعمى القلوب والابصار معا وقد يُصبح ذلك الوزير تقليدا لنظام ما قبل الديموقراطيّة وقد يكون ذلك الوزير مخلصا لوطنه ومواطنيه ويكون هو المعارض الوحيد في مجلس الوزراء إذا شعر ان قرارات ستصدر مُجحفة بحق المواطنين وهكذا يُسجّل نقاطا حتّى تُصبح النقاط عبئا على اي حكومة فاسدة او لا تلبّي حاجات المواطنين فترحل تلك الحكومة .
وهل يُعقل ان يكون للشعب وزير في ظلِّ وجود حكومة من المُفترض ان تكون لكل المواطنين وتقف على مسافة واحدة من كل منهم ما دامت تحكم بالعدل وما فتئت تُمثّل كافّة شرائح الوطن واطيافه ومنابته واصوله ولكن هذا لن يتحقّق بين لحظة واخرى وهو بحاجة لبناء الاساس القوي من الثقة بين المسؤول والمواطن وبناء الهياكل الحزبيّة التي تمثّل كافّة الافكار والثقافات المجتمعيّة وان يكون الانتساب والانضمام لتلك الاحزاب بشكل عفوي وبرغبة بالمشاركة الفعليّة لتحقيق اهداف الحزب وحماية حقوقه ومكاسبه وان تكون تلك الاحزاب رصينة في بنائها واضحة في اهدافها محدّدة في رسالتها صادقة في وعودها وفيّة لمواثيقها لكي يكون التنافس بين تلك الاحزاب شريفا ويكون التسابق على خدمة المواطن وحماية الوطن خاصّة إذا كان عدد الاحزاب محدودا ويمثّل جميع الاطياف المجتمعيّة .
عندها تنتظم الحباة الديموقراطيّة في مجتمعاته ويكون من فوائدها انتظام الحياة السياسيّة والمؤسسيّة ونصبح شعوبا تشعر بحاجة لاوطانها وتعيش حياتها بقناعة وكرامة وتصبح احزاب المعارضة بمثابة وزير الشعب الذي يُراقب اعمال الحكومة وقراراتها بل ويعمل على تقويمها إن اخطئت وعندها نقول باننا على الخريطة شعوبا تُحب السلام وتؤمن ان الكرامة هي قوت الشعوب الحرّة غير المُستعبدة.
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة ومتّعه بنعمة الحرِّيّة .
احمد محمود سعيد
31 / 3 / 2013