تحت أي ظرف من الظروف لا يمكننا السكوت عن عمليات الاعتداء على الكوادر الطبية والتمريضية، وأننا ندين باشد العبارات الاعتداء على الممرضة في قسم التوليد بمستشفى البشير بعد أن قامت مرافقة إحدى المريضات بالاعتداء عليها بالضرب وبشكل همجي؛ ما أدى لإدخالها إلى المستشفى للعلاج.
هذا المسلسل بدأ منذ سنوات طويلة، وكان يتراوح بين الاعتداء على الأطباء والكوادر الطبية المساعدة ليشمل حتى حراس المستشفيات.
لقد آن الأوان لوضع حدٍ لهذه الاعتداءات المتكررة وتغليظ العقوبات على المعتدي مهما كانت الأسباب والدوافع وأن الأمر يتطلب دراسة جادة لهذا الملف ومعرفة الأسباب والدوافع، وأن يعرف كل إنسان ماله وما عليه، وأن وزارة الصحة والنقابات الطبية والتمريضية بداية مقصرة في موضوع توعية كافة العاملين في المستشفيات بالواجبات الملقاة على عاتقهم، وخاصة أسلوب التعامل مع المريض، وذويه حيث نشهد في بعض الأحيان نوعاً من التقاعس من أطباء وممرضين يعملون في أقسام الطوارئ، وأنهم يتحركون ببطء لمواجهة الحالة الطارئة، وأنهم ينشغلون بطلبات غير مبررة في تلك اللحظات مثل مراجعة المحاسب ودفع مبلغ من المال، أو الاعتذار عن تقبل الحالة الطارئة باعتبارها غير مؤمنة، أو أنها حادث قضائي وما إلى ذلك من الأسباب، حيث إننا نذكر قبل سنوات كيف توفي أحد العاملين في مؤسسة التدريب المهني لأنه وصل إلى أحد المستشفيات الخاصة واعتذر قسم الطوارئ فيه عن معالجته لأن اصبعه مقطوع وأنه لا بد من دفع قيمة العملية وإجراءات العلاج مسبقاً، ثم نقل إلى مستشفى الجامعة والذي قدم له بعض الإسعافات الأولية، وليتم تحويله إلى مستشفى البشير لأن تأمينه هناك، وأن الصدمة العصبية والألم الذي تحمله هذا المصاب كان فوق طاقته؛ ما أدى إلى وفاته، وانه لم تتخذ أية إجراءات بحق المتسببين في مثل هذا الإهمال المكشوف، إلى أن صدرت تعليمات إلى كافة أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية والخاصة بضرورة تقديم الإسعافات الأولية للمريض بغض النظر عن وضعه المادي، أو نوع تأمينه، لكن هذا الأمر لم يتم تطبيقه بالشكل المطلوب.
نحن نعرف أن هناك من عدم المبالاة من بعض الأطباء والممرضين والممرضات العاملين في أقسام الطوارئ عند تعاملهم مع الحالات المرضية، ونعرف كيف يتأخر الكادر الطبي والتمريضي عن تلبية احتياجات المرضى، المقيمين في بعض المستشفيات وأن مرافقي المريض يقومون في أحيان كثيرة بعمل يعتبر من صميم واجبات الممرض، أو الممرضة، وخاصة أولئك الذين تستدعي حالتهم البقاء في السرير، ولا يقدرون حتى على أدنى حركة أو خدمة أنفسهم أو حتى تناول وجبة الطعام، أو الشراب، أو حتى الدواء، الذي نجده إلى جانب السرير دون أن يقوم أحد بالتأكد من إعطائه للمريض.
نقول هذا الكلام من باب الإنصاف، لكننا ندعو كافة مدراء المستشفيات إلى وضع يافطات تحمل أرقام هواتفهم النقالة وتوزيعها في كل مكان لتلقي أية شكوى من المواطن أو المريض، فقد تم تطبيق ذلك في مستشفى الجامعة الأردنية، وان الدكتور مجلي محيلان مدير المستشفى استن هذه السنة الحسنة، وكان يتلقى الشكاوى على هاتفه في أية ساعة من الليل والنهار، وتتخذ الإجراءات المناسبة حتى ولو اضطره الأمر للعودة إلى المستشفى منتصف الليل، والوقوف على واقع الشكوى، حتى أن جميع العاملين بدأوا يشعرون بأنه ليست هناك أية حواجز بين المريض، وذويه وبين مدير المستشفى، الأمر الذي أدى إلى انخفاض، بل انعدام الشكاوى في أحيان كثيرة.
الاعتداء على الكوادر الطبية والتمريضية أمر مرفوض، لكن على الجميع أن يتحمل المسؤولية عند أي تقصير منهم، خاصة وأن الذين يتعاملون معهم هم من المواطنين سواء كانوا من المرضى أو من ذويهم، وبعد ذلك فإنه لا بد من إيقاع أشد العقوبات بحق المعتدين عليهم.
بقلم:أحمد جميل شاكر