قاتل من يوافق على القتل أيضاً
ﺑﻤﻘﺘﻞ اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﯿﺪ رﻣﻀﺎن اﻟﺒﻮطﻲ، ﺑﻐّﺾ اﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ اﻟﺴﯿﺎﺳّﻲ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻣﻪ واﻟﻘﻀﯿّﺔ اﻟﺴﻮرﻳّﺔ،
ﺗﻔﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﯿّﺔ أﺣﺪ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﺠﺒﺎرة ﻹﺳﻼم اﻟﻮﺳﻂ، أو اﻹﺳﻼم اﻟﻤﻌﺘﺪل. ﻓﻼ ﻳﻜﺎد ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟّﺪﻋﻮﻳﺔ ﻧﻈﯿﺮ
ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﺪﻓّﻖ اﻟﻌﺒﺎرة، وﻧﺼﺎﻋﺔ اﻟُﺤّﺠﺔ، وﻟﯿِﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ، واﻟﺮﺣﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ، واﻋﺘﺪال اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﻨﻄﺎق
اﻟﻨّﺺ (وھﻮ ﻣﻨهج أھﻞ اﻟﻮﺳﻄﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم). وھﺬا ﺑﺎﻟﻀّﺒﻂ ﻣﺎ ﻳُﺆرّق ﺷﯿﺨﺎً ﺷهيراً آﺧﺮ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟّﺴﻠﻔﯿﺔ،
ﺗﺸﻤّﺖ ﺑﻤﻘﺘﻠﻪ -ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻘﺪس اﻟﻌﺮﺑﻲ- ورأى أن اﻟّﺸﺮّ ﺑﻤﻮﺗﻪ ﻳﺨّﻒ! وأﻧّﻪ ﻛﺎن "ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻟﻀّﻼﻟﺔ"!
ھﺬا اﻟﺘﺸﻤّﺖ ﺑﻘﺘﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﺪﻧّﻲ ﻻ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺴﻼح، ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ أﻧّﻪ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻟﻠﺨﻼﻳﺎ اﻟﺠﮫﺎدﻳّﺔ اﻟﻨّﺎﺋﻤﺔ
اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﺘّﻖ ﻋﻦ ﺗﺸﻮّھﺎت اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻤﺴﻠﻢ، وﺗﻘﺮّﺣﺎت روﺣﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰّ ﻋﻨﻔﺎً واﺧﺘﻼط رؤﻳﺎ. ﻓﺄن ﻧﻮاﻓﻖ
وﻧﺸﻤﺖ ﺑﻤﻘﺘﻞ ﺷﺨﺺ ﻷﻧّﻪ ﻳُﺨﺎﻟﻔﻨﺎ وﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﺎ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن طﺎﻏﯿﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺬاﻓﻲ (أُﺳﺮ وأﺷﺒﻊ ﺗﻌﺬﻳﺒﺎً وﺗﻌﻨﯿﻔﺎً
ﺑﻤﺎ ﻓﯿﻪ اﻻﻏﺘﺼﺎب اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻗﺒﻞ ﻗﺘﻠﻪ أﺷﻨﻊ ﻗﺘﻠﺔ) أو ﻣﻦ "ﻓﻘﮫﺎء اﻟّﺴﻠﻄﺎن" أو ﻣﮫﺎدﻧﺎً ﻟﻪ ﻛﺎﻟﺒﻮطﻲ ﻣﺜﻼً وﺳﻮاه،
ﻳﻌﻨﻲ أّن ﻓﻲ داﺧﻠﻨﺎ ﻗﺎﺗﻼً ﻳﺤﻤﻞ آﻟﺔ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﻨّﻔﺴﯿّﺔ، ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر أن ﺗﺘﺎح ﻟﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻜﻲ ﻳُﺸﮫﺮھﺎ، ﻣﺘﺮﺑّﺼﺎً ﺑﺪوﻟﺔ
اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﯿﺨﺮج ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻮاﺗﯿﺔ! ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎ إذا ﻛﺎن اﻟّﺸﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﻓﻘﮫﺎء اﻟﺴﻠﻄﺎن أﻳﻀﺎً؟!
"َﺧْﺮﺟﻮ"، "ﷲ ﻻ ﻳﻘﯿﻤﻮ"، "ﻳﺴﺘﺎھﻞ"... أﻣﺜﺎل ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرات ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ أﻟﺴﻨﺘﻨﺎ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﺘٍﻞُدﺑّﺮ ﻓﻲ
ﻏﯿﺎب اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻷﺷﺨﺎص ﻣﺪﻧﯿﯿﻦ أو أﺳﺎرى ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺟﮫﺔ، إﻧّﻤﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻤﺎ أﺻﺎب ﻧﺴﯿﺠﻨﺎ اﻟﺮوﺣّﻲ
واﻷﺧﻼﻗّﻲ ﻣﻦ ﺗﻠٍﻒ وﺗﮫﺘّﻚ! وﻋﻤﺎ ﺗُﻨﺬر ﺑﻪ اﻟﻌﺒﺎرة ﻣﻦ وﻳﻞ ﻗﺎدم، ﻣﺎ دﻣﻨﺎ ﺑﮫﺎ ﻧُﻨّﺸﺊ أطﻔﺎﻟﻨﺎ، وﻧﺆدّب ﺗﻼﻣﺬﺗﻨﺎ، وﻧﻨﺼﺢ
ﻣﺮﻳﺪﻳﻨﺎ وأﺑﻨﺎء ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ وﺑﻨﺎﺗﮫﺎ، أو أﺗﺒﺎع دﻳﻨﻨﺎ أو ﻣﺬھﺒﻨﺎ أو طﺎﺋﻔﺘﻨﺎ أو ﻣﺪرﺳﺘﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﮫﻢ واﻟﺘﻔﻜﯿﺮ واﻟﺘﻌﺼّﺐ!
ﻓﺎﻟﻌﺒﺎرة اﻟﻌﻨﯿﻔﺔ، أو اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﻒ -ﻛﻤﺎ ﻧﺒّﮫﻨﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺮّة واﺣﺪة- ھﻲ رﺻﺎﺻﺔ ﺗﻨﻄﻠﻖ وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﺗُﺼﯿﺐ.
ﻓﺎﻹﻣﺎم اﻟﺬي أﻋﻠﻦ ﺷﻤﺎﺗﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻸ ﺑﻤﻘﺘﻞ اﻟﺒﻮطﻲ ﻣﺜﻼً، أي ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤﻊ وﻣﺮأى ﻣﻦ ﻣﻼﻳﯿﻦ، ﻛﺄﻧّﻤﺎ ﻓﺮّغ ﻓﻲ
ﺟﺴﺪ اﻟﺤّﻖ واﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻼﻳﯿﻦ اﻟﺮﺻﺎﺻﺎت، أو ﻓﺮّغ رّﺷﺎﺷﻪ ﻓﻲ أﺟﺴﺎد ﻣﻼﻳﯿﻦ اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﺳﺎﻣﻌﯿﻪ أو ﻗﺎرﺋﻲ
ﺗﻌﻠﯿﻘﻪ، وﻛﺄﻧّﻤﺎ ﻗﺘﻞ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎً! إذ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻳﺼﻌﺪ داﻋﯿﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﺒﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ أو ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺋﯿﺔ أو ﻣﻮﻗﻊ
إﻟﻜﺘﺮوﻧّﻲ، ﺷﺎﺗﻤﺎً اﻟﻀّﺤﯿّﺔ أو ﺷﺎﻣﺘﺎً ﺑﮫﺎ، ﻣﻘﺘﻮﻟﺔ أو ﻣﺨﻄﻮﻓﺔ أو ﻣﻌﺘﺪى ﻋﻠﯿﮫﺎ -ﺑﻐّﺾ اﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﮫﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳّﻲ
وﻧﺸﺎطﮫﺎ اﻟّﺴﻠﻤّﻲ- ﺣﺘﻰ ﻧﻌﺘﺒﺮ أّن ﺣﺮﺑﺎً ﺿﺮوﺳﺎً ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺘﮫّﺪد ﻣﺼﯿﺮ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻷﻣﻦ ﺑﺄﻟﻮاﻧﻪ وﺗﻌّﺪد ﻣﻌﺎﻧﯿﻪ! ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎ
إذا ذھﺐ ﺑﻤﻌﯿّﺔ اﻟﻀّﺤﯿﺔ ﻋﺸﺮات أو ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ؟!
ﻓﺈﻟﻰ أّن ﻟﻠﻤﻮتُِﺣﺮﻣﺘﻪ، ﺳﻨﻜﻮن أﺷﻘّﺎء اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻟﻮ واﻓﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع، وﺣﺬوﻧﺎ ﻓﻲ اﻹﺟﺮام ﺣﺬو
دﻋﺎة ﻓﻀﯿﻠﺔ ﺑﻼ ﻓﻀﯿﻠﺔ، وﺷﺎﺑﮫﻨﺎ إﺳﺮاﺋﯿﻞ.
دﻋﻮﻧﺎ ﻻ ﻧﻔﻘﺪ اﻷﻣﻞ!