لماذا يا «إخوان» سوريا؟!


يرتكب «إخوان» سوريا خطأً قاتلاً ومميتاً إنْ هم حاولوا، حتى مجرد محاولة، الإقتداء بـ»إخوان» مصر وإتِّباع الوسيلة التي إتبعها هؤلاء في التسلل تسللاً لسرقة الثورة المصرية من أصحابها الحقيقيين وإختلاس السلطة والإنفراد بها وهذا كانت نتيجته كل هذه الإهتزازات الأمنية المروعة وكل هذه الفوضى المدمرة التي باتت تهز كيان بلد عدد سكانه تجاوز الخمسة وثمانين مليون مواطناً مما يجعل أيُّ خطأ سيؤدي إلى كارثة إذا لم تتدخل القوات المسلحة في اللحظة الحاسمة وإذا بقيت على الحياد.
إنَّ ما دعا إلى هذا الكلام هو الطريقة التي إتبعها «إخوان» سوريا الذين كنا، وإلى حدٍّ ما لازلنا، نعتقد أنهم بحكم تجربتهم التاريخية القاسية وبحكم تركيبة المجتمع وطبيعة الشعب السوري يختلفون عن كل تنظيمات الجماعة الإخوانية في هذه المنطقة في تمرير «تعيين» وليس إنتخاب مرشحهم لرئاسة الحكومة الإنتقالية فهم إختاروا أسلوب الإختلاس الذي كان إتبعه إخوانهم في مصر وهم أظهروا في أول مؤشرٍ على طبيعة النظام المنشود بعد هذه الثورة العظيمة وأنهار الدماء التي سالت حتى الآن أنهم مصممون على الإنفراد بالسطة المقبلة وأنه ليس في أذهانهم إلاَّ تجربة حزب البعث المريرة التي أوصلت جوهرة «الأقطار» العربية إلى ما وصلت إليه.
كان الشعب السوري ومعهم العرب وكل المتابعين في العالم بأسره قد سمع من الإخوان المسلمين السوريين ماعزز الآمال بأنَّ نواياهم، بحكم تجربتهم القاسية، تختلف عن نوايا كل «إخوانهم» في هذه المنطقة فهم كانوا قد أصدروا وثيقة رائعة بالفعل أكدوا فيها على أنهم يتمسكون بالتعددية وبأن تصبح سوريا دولة مواطنة ولكل أهلها وتكون فيها مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة وبين كل المكونات العرقية والدينية والطائفية والمذهبية وأنَّ الإحتكام فيها سيكون لصناديق الإقتراع وللحريات العامة.
ولعل ما يجب أن نُذكِّر به «إخوان» سوريا الآن بعد أنْ إختلسوا إختيار غسان هيتو، الذي لا إعتراض عليه كشخص ينتمي إلى القومية الكردية الشقيقة، لرئاسة الحكومة الإنتقالية إختلاساً وبطريقة التسلل والمناورات التي إتبعها «إخوانهم» في مصر فأقحموا العباد والبلاد في هذه الفوضى المدمرة هو أن الأخ صدر الدين البيانوني كان قد أكد في تصريح أدلى به في بدايات هذه الثورة المظفرة بأنه لا يوجد لجماعتهم في الداخل السوري حتى ولا شخصاً واحداً منظماً في إطار من الإطارات الحزبية المتعارف عليها في الأوضاع التي تقتضي أقصى درجات السرية.
ولهذا فإنه من المستغرب جداً أنْ يقوم هؤلاء، الذين يقولون أنهم يريدون سوريا جديدة لا مكان فيها للإنفراد بالسلطة ولا للحزب الواحد ولا حتى لأمير المؤمنين والمجاهد الأوحد، بما قاموا به في إسطنبول قبل أيام عندما لجأوا إلى مسرحية مكشوفة لمصادرة آراء كل الذين يشاركونهم هذه الثورة العظيمة وفي مقدمتهم الجيش الحر الباسل وحقيقة أن هذه كانت مفاجأة وأنه كان من المفترض أنْ تتخذ القرارات والإختيارات بالتفاهم وبالتراضي إلى أن يتم «التحرير» وتصبح هناك إمكانية للإنتخابات الفعلية والديموقراطية الحقيقية.
إن هذه مسألة أما المسألة الثانية فهي أنَّ المفترض أن «الإخوان» السوريين ومعهم كل قوى وفصائل الثورة أن يتعلموا من دروس حركات التحرر في هذه المنطقة العربية وأولها وعلى رأسها وأهمها الثورة الفلسطينية حيث كانت الأيدي الممتدة من الخارج وبإستمرار وفي كل الحالات عوامل تأزيم ونزاع وشقاق داخلي وحيث كان بعض الدعم العربي ليس خالصاً لوجه الله ولا لوجه القضية المقدسة وإنما من أجل النفوذ والإستقطاب والإستخدام المكلف في الصراعات العربية-العربية التي كانت ولا تزال تشكل عبئاً كبيراً ومدمراً بالنسبة لقضايانا الوطنية والقومية والرئيسية..واللهم إشهد!!.