الشقيقات المتزوجات: وئام مرشح للانفصام مع تباين الفروقات المعيشية

اخبار البلد-عمان:عندما بدأ نادر رمضان "30 عاماً" التفكير بالاستقرار، كانت أول نصيحة قدمتها له والدته هي بأن لا يرتبط بفتاة لديها الكثير من الأخوات، ولم يدر في بال رمضان آنذاك ان اختلاف المستويات المادية بين الشقيقات المتزوجات قد يخلق مشكلات بينه وبين زوجته.

فمنذ عشرة أعوام ارتبط رمضان بفتاة لديها ثلاث شقيقات متزوجات، ولم يكن يدور بخلده أن الأمر سيزداد سوءا مع الوقت، مؤكدا أن زوجته أصبحت تخبره بين الحين والآخر عن طريقة حياة شقيقاتها.

ويضيف أن طلبات زوجته أصبحت تشمل أشياء مختلفة، على غرار تغيير أثاث المنزل من المحل ذاته الذي جهزت منه شقيقتها منزلها، ما سبب له إشكاليات لم تتفهمها زوجته إلا بعد مضي وقت طويل.

"الوضع المادي يختلف من شخص لآخر" وفق رمضان، الذي يبين أن وضعه مستقر، لكنه ليس ميسور الحال كأزواج شقيقات زوجته، ويشكو من أن زوجته أصبحت تريد خادمة للمنزل، وسيارة لتقضي حاجاتها، وغيرها الكثير من الأمور.

أما تمارا "33 عاماً" فمتزوجة منذ سبع سنوات، وتؤكد أن وضعها المادي هي وزوجها ميسور، غير أن ما ينغص عليها أحيانا أن وضع شقيقاتها الأربع المتزوجات يختلف عنها، بحيث أصبح هذا الموضوع يشكل لها الكثير من الأرق.

وتقول تمارا حول تفاصيل يومياتها، إنها تتعرض إلى الكثير من المواجهات مع عائلتها، فكثيرا ما تخبرها والدتها بأن عليها تجنب الحديث حول ما تشتريه أو تنفقه أمام شقيقاتها، كونهن قد يتأثرن بسبب وضعهن الحالي.

ولا تخفي تمارا انها تعرضت للمواجهة مع شقيقاتها حول شراء بعض الأشياء، ومنها السيارة، وأن هذا الأمر دفع شقيقتها إلى الضغط على زوجها ليشتري لها سيارة خاصة، ما شكل إزعاجا لزوجها الذي اتصل بزوج تمارا وأخبره أن زوجته تتظاهر بالكثير من الأمور التي لا يستطيع جلبها هو لزوجته، الأمر الذي وتر العلاقة بين تمارا وشقيقتها نسبيا.

ومن جهة الآباء، فإن أكثر ما يؤرق "أم علي" هو التباين المادي بين ابنتيها المتزوجتين، وتقول إنها كثيرا ما تتمنى أن تكون الاثنتان على أفضل حال، غير أن الابنة الكبرى تغار من شقيقتها الصغرى.

وتضيف الخمسينية أم علي، أنها كثيرا ما تلحظ حزن الشقيقة الكبرى على وضعها المادي، خاصة حين تشاهد شقيقتها في وضع أفضل، على الرغم من أنها لا تحسدها بل دائما تدعو الله أن يرزقها مثل أختها.

وتؤكد أم علي أن من أصعب ما تحمله الأم في نفسها، إحساسها بهذه الفوارق بين بناتها، وأنها ينبغي أن تراعي أحوال بناتها في كل أمور حياتهن بعيدا عن تحميل وزر إحداهن للأخرى.

أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية د.حسين الخزاعي، يبيّن أن العلاقات الإنسانية في المجتمع يجب أن تكون مبنية على المحبة والتكافل والمشاعر النبيلة، غير أن بعض الظروف قد تؤثر على العلاقات، وأهمها تلك السائدة في الأسرة الواحدة.

وتظهر الفروقات المادية بين الأخوات، وفق الخزاعي، حين تتزوج أخت من شخص غني مقابل زواج شقيقتها من شخص فقير، ما يولد أجواء مشحونة بالتوتر تنتهي بمحاولة الانعزال وعدم التواصل بين الشقيقات.

ويعتبر الخزاعي أن هذا الأمر يعد في غاية الخطورة التي قد تتعرض لها العائلات، ما يؤدي أحيانا إلى تجنب اختلاط عائلات الشقيقات مع بعضها بعضا، كي لا يتأثر طرف بآخر.

ويشدد على أهمية أن يلعب الزوج دورا مهماً في هذا المجال، فيجعل زوجته وأبناءه ينظرون إلى العلاقة من خلال صلة الرحم والتكافل، بعيدا عن أجواء الوضع المادي بين العائلتين، لأن عكس ذلك قد يؤدي إلى انعزال الأسرة الغنية عن الفقيرة، وعدم التواصل والاختلاط إلا في المناسبات العامة.

ومن وجهة نظر الاستشاري الأسري ومدير جمعية العفاف الخيرية، فإن الأصل أن تربط الشقيقات علاقة المحبة والمودة، وأن تحب كل واحدة الخير للأخرى، وأن تفتخر كل منهما لما لدى الأخرى من مميزات، مضيفا "وعادة ما تكون علاقة الأخوات قوية لدرجة أن الأبناء يحبون أولاد الخالات أكثر من أي أولاد في العائلة، وهذا بسب علاقة الأمهات مع بعضهن".

ويرى أنه من الضروري أن تكون العلاقة بين الشقيقات علاقة تعاون، يحيث تساعد كل واحدة الأخرى بما لديها من إمكانات، من دون تكلف مما يزيد في الألفة والمعروف بينهن.

ويرى الخزاعي أنه يجب على الأخوات أن يتكاتفن على نحو كبير فيما بينهن، لأن التكافل في هذه الحالة ضروري، وعليهن عدم إشعار الأزواج بهذه الفروقات، كي لا تنتج مشاكل كبيرة قد تؤدي إلى هدم أسر بأكملها.

ويتفق اختصاصي علم النفس الدكتور خليل أبو زناد مع رأي الخزاعي، مشيرا إلى أن الأهل لهم دور أساسي في حل المشكلة من المنظور العام، فكلما زادت ثقافة الأفراد، قلت "العوارض" الناتجة عن الغيرة بين الأخوات.

ويضيف أبو زناد أن على الأخت التي تتمتع بوضع أفضل، عدم إشعار شقيقاتها بأنها تختلف عنهن، أو أنها من طبقة أخرى، فالأصل أن تتفهم أن العلاقات الإنسانية لا تتعلق بالأمور المادية، خاصة بين الشقيقات.

في حين يذهب سرحان إلى أن الغيرة شعور مدمر وضار، فهي تدفع بالشخص إلى الحقد على من هم أفضل منه، ويقول "فبعض السيدات مثلاً تقارن نفسها بجارتها أو زميلتها في العمل أو حتى شقيقتها في بعض الأحيان، وتتفاوت درجات المقارنة والغيرة باختلاف مقومات الشخصية بين الشقيقات".

من جهته يؤكد أبو زناد أهمية دور الأم في هذه الحالة، وأن عليها الانتباه إلى تصرفاتها، أمام بناتها، وأن تعمل على تجميعهن في بوتقة واحدة مليئة بالحب والعطاء، فلا تنحاز لابنة دون أخرى، أو تتعاطف مع إحداهن على حساب الأخريات.

وللتغلب على المقارنة وعلى شعور الغيرة ينصح سرحان بضرورة تقوية الإيمان الحقيقي، والرضا بما قسم الله تعالى للإنسان، وأن يسعى الإنسان إلى أن يطور وضعه باستمرار نحو الأفضل بالطرق المشروعة، لأن القناعة تولد راحة النفس والطمأنينة مما ينعكس إيجاباً على الأسرة.