واحد من المستشارين..!

لرؤساء الدول مستشارون من مختلف الانواع والاصناف وقد اخترت اليوم بروس ريدل Bruce Riedel أحد مستشاري الرئيس الاميركي اوباما وانقل ما كتبه عنه غلين غرينوولد Glenn Greenwald في صحيفة الغارديان البريطانية ( 6/2/2013 ) إذ قال إنه عمل ضابطاً في ال CIA لثلاثين عاماً حتى أصبح مستشاراً مهما لآخر أربع رؤساء للولايات المتحدة،  وهو الآن عضو كبير في مؤسسة بروكنغز Brookings Institution حيث يعمل في احد اقسامها المسمى ((مركز سابان لسياسات الشرق الاوسط)) نسبةً لمموّله حاييم سابان قطب عالم الملاهي المعروف والذي تصفه النيويورك تايمز بأنه المتحمس بشدة والمشجع بلا حدود لدولة إسرائيل وهو يصف نفسه مباهيا (إنني صاحب قضية واحدة وقضيتي هذه هي إسرائيل )! ومن هنا يمكن أن نستخلص بلا حاجة لذكاء مدى تأثرّ هذا المركز بآراء السيد سابان ومدى (انصياع) الخبراء العاملين فيه المستفيدين من مكافآته لايحاءات صاحب مفتاح خزينته عندما يضعون تقاريرهم أو يقدمون مشورتهم !
وللعلم فقد شارك المستشار بروس ريدل هذا في مفاوضات كامب ديفد وشبردز تاون وواي ريفر التي جرت بين العرب والاسرائيليين وقد ألف العديد من الكتب السياسية الهامة ويحاضر الآن في جامعة جونز هوبكنز، ومن آرائه الصارخة في التخطيط للحرب على ايران ما جاء في كتاب حول ذلك شاركه فيه مختصون آخرون من بروكنغز قال فيه ( يمكن للولايات المتحدة أن تشن حرباً ضد ايران بأن تدبر حادثاً سرياً مفتعلاً يجعل رد الفعل الايراني عليه يبدو وكأنه اعتداء تقوم به إيران دون مبرر استفزاز من أحد.. الخ ) !! هذا في كتاب يقرأه من يشاء وليس مؤامرة في الظلام !
ومن آرائه (غير السرية) تلك التي كانت حول سياسة الولايات المتحدة نحو افغانستان والباكستان بناء على استشارة الرئيس اوباما له في يناير 2009 حيث عينه يومئذ رئيساً للجنة المختصة بالنظر في هذه السياسة التي (أعلنها) بعد ذلك في خطابه في آذار من نفس السنة!
أما مذكرته الاخطر فكانت تلك المنشورة كاملة في موقع بروكنغز في 17 /1/ 2013 تحت عنوان (قضايا تهم العالم) التي اوضح فيها بصراحة وبدون اي مواربة رأيه في التحالف الحميم مع بعض الدول كالسعودية وضرورة تعزيز هذا التحالف نظراً للمصالح المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعائلاتها الحاكمه، وفي مواجهة ايران بالذات !
ويقول كاتب المقال في الغارديان عن ريدل وامثاله إنهم من كهنة مجتمع السياسة الخارجية الذين تتلخص وظيفتهم الاساسية في تبرير السياسة العسكرية والعدوانية للولايات المتحدة، لكنهم حينما يتحدثون في المحاضرات والندوات فانهم يحاولون أن يغلّفوا اهدافهم الحقيقية بكلام عائم مضلّل حول سعي اميركا لنشر الديمقراطية وحقوق الانسان في الدول الاستبدادية ! ثم لا يملكون بين حين وآخر إلا أن يخلعوا الاستار عن نواياهم المبيته.. والغريب بعد ذلك أنهم لا يخجلون ولا يعتذرون بل يبقون سادرين في غيهم !
وبعد.. لا أظن احداً سوف يستنتج من هذه (العيّنة) أن سياسة اقوى دولة في العالم تعتمد فقط على هذا النوع من المستشارين ! لكن لا شك في ان البعض سوف يتذكر بهذه المناسبة مستشارين في حكومات أخرى،  قد لا يستشارون أبداً وإذا استتشيروا.. لا يُصغَى لهم، ومع ذلك يتظاهرون أمام الملأ بأنهم.. حقا مستشارون !