انطباعات الملك.. الصدمة والترويع

ما نشر في مجلة "أتلانتك" على لسان الملك كان صادما للجميع دون استثناء، فالمواطن العادي والنخبة السياسية والمخابرات وربما بعض أركان الديوان فوجئوا بالسقف وطريقة الطرح وحجم التشاؤم.
الديوان قدم تبريرات وأصدر بيانا يحاول تلطيف الاحتقان؛ لكنه لم يخفف من هول الصدمة ومن قيمة التساؤلات عن حقيقة ما يجري في بنية مطبخ القرار.
في بداية الامر ومع نشر ملخص المقابلة في جريدة "نيويورك تايمز" الشهيرة ومع الكم المكثف من المفاجآت شعرنا بذهول أن يتحدث الملك عن كل هذه العناوين معا وبهذا الغضب وهذه الانطباعية السلبية.
لكن ومع اتضاح الصورة التي بينت أن اللقاءات كانت على دفعات مختلفة وعلى فترات متنوعة، شعرنا ان الصدمة أقل حدة وأن ما قيل هو انطباعات سياسية متفرقة أكثر من كونها مواقف إجرائية سياسية.
هذه الصدمة لم تكن هي الأحساس الأوحد الذي شعرنا به في كل البلد من شمالها الى أقصى جنوبها، بل تجاوزها الامر الى حالة من الترويع النفسي أصاب الكثيرين.
لقد خاف الناس من طبيعة العلاقة القائمة بين أركان الحكم في البلد، وتساءلوا عن حقيقة ما يجري في الخفاء بين هذه المؤسسات.
المخابرات مثلا نحن نختلف معها سياسيا وفي طبيعة موقعها التدخلي في المشهد الوطني، لكن أن يتم تصوير علاقتها مع القصر بهذه الصورة؛ فذاك أمر جلل قد تكون الدائرة مظلومة في أتونه.
أشياء كثيرة أزعجتنا في المقابلة وتستحق أن تكون أساسا لسلوك وطني مختلف في قادم الأيام؛ فالعشائر لم ولن تكون عائقا أمام الاصلاح، فهذه الوحدات الاجتماعية هي من جاءت بحكومة النابلسي 1956، وهي من ما زالت تتحرك في الشارع من أجل الاصلاح الأمثل والوطني.
لا نرضى ان تكون ملاحظات الملك على الجميع بهذه القسوة والاحتقان، ولكننا نرى في صراحته بوابة لمزيد من الحوار والمكاشفة التي قد تقود لأردن أكثر حداثة وأشد تمسكا بهويته.
دعونا لا نتلاعن وان نعترف ان أزمتنا السياسية عميقة، وانها بلغت كل المستويات، ومعظم العلاقات سواء بين المجتمع والحكم او بين الحكم ونفسه.
الصدمة والترويع مفيد ويمكن البناء عليه، فهناك تقصير عند الجميع وتحميل المسؤولية على عامل واحد هو ظلم فادح، وهنا نطالب بالحوار والإصلاح حتى لا نتشاتم هنا وهناك.