الكرامة


نستفيء في شهر آذار ظلال مناسبات عزيزة على نفوس الأردنيين، وهي مثار فخرهم وعزتهم، وهم يستذكرون بطولات السلف من أبناء الأردن الذين ذادوا عن حياض الأمة وكرامتها وسيادتها، ورووا بنجيع دمهم الزكي ربوع الوطن الغالي، فخلدوا بأفعالهم قبل أقوالهم أسمائهم في سفر الخالدين من الرجال المخلصين لأمتهم ووطنهم، على قلة عدتهم وعتادهم، ولكن روح القتال والتصميم لا حدود لها في نفوسهم، راسخة في عقيدتهم، يبغون إحدى الحسنيين فإمّا النصر وإمّا الشهادة، ومن كان هذا مقصده وغايته فلن يتردد ولن يجبن في لقاء عدوه؛ لذلك ضربوا أروع الأمثلة على التضحية، والتعلق بالأرض وتراب الوطن، فكان يوم الكرامة يوماً من أيام الله المباركة تجلت فيه بطولات الرجال وتضحياتهم، ولم يدر في خلدهم وهم يقبلون على الموت مرددين بعد الله وأكبر نشيد معركتهم الخاص: 
" يا حسين حنا عزوتك حرب العدو ما نهابها" 
" لعيون بسمة والبنات دم النشامى خضابها" 
أن الأمانة التي ضحوا من أجل المحافظة عليها بأغلى ما يملكه الرجال ستسرق، فيعم الفساد، ويتولى الأمر اللصوص والقوادون وأصحاب الكؤوس والعملاء وجرسونات المطاعم وغيرهم من طبقة الدجتاليين الجدد، الذين مسختهم عمليات الخصخصة مسخا إيجابيا فصيرتهم مديرين وأمناء عامين ووزراء، وأن الأردن سيصبح مأوى لكل أفاق وعابر سبيل، ولكل من باع وتاجر بآلام شعبه وأمته، والعملاء والمتصهينين ممن يسعون سرا وعلانية لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن والأردنيين، وجعل الأردن وطنا بديلا بمسميات مختلفة وتحت ذرائع متعددة وأسباب واهية كبيت العنكبوت، فأية عقلية تلك التي تربط بين الإصلاح والتوطين، وإنهاء القضية الفلسطينية وإيجاد المخارج للعدو الإسرائيلي. 
لم يدر في خلدهم أن الجيش الأردني صاحب الكرامة سَيُسْلَب قيادته مرتين في زمن الفساد، وسماسرة الأوطان، وقادة الغفلة، ممن سولت لهم أنفسهم بيع قيادته العريقة، فكانت دليلا على إفلاسهم السياسي وعدم احترامهم لهذا الجيش ودوره وتاريخه. 
عذرًا، إنّها الكرامة "ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا زادنا وديدننا، تاريخنا، أرضنا، إرث نقدسه"، وطريق نمهده إلى القدس عندما يأذن الله؛ لكل ما سبق نشتاق لآذار شهر الخير، شهر الأردن والأردنيين، شهر الوطن وقائد الوطن عليه رحمة الله، شهر تعريب الجيش وتسليم قيادته للأردنيين، شهر العدة والاستعداد، شهر العزة والكرامة والاستشهاد، نشتاق لقائد التعريب والكرامة، وندرك أن اللغة العربية فقدت بوفاته أحد فرسان البيان، وأن السياسة فقدت صاحبها، وأن الأمة العربية فقدت رائدها الذي لا يكذب أهله، وندرك أن الخسارة عظيمة، وإن الفراغ كبير، وقد قال البدوي الأردني:" ما كل زول يسد بزول وما كل الازوال مملوحة"، والزول هنا هو كل ما يجب أن يتوفر في شخصية القائد، في مثل هذه الأيام التي خرجت علينا فيها ضفادع المستنقعات تنفث سمومها في وسائل الإعلام المختلفة، نشتاق إلى وجوه فرسان الكرامة وقد لوحتها الشمس فصيرتها كحمرة شفق السماء بهاء وسناء، وشمغهم المهدّبة يعلوها تاج الوطن، تاج الجيش العربي الأردني. 
وفي الختام أوجّه تحية إجلال واحترام وإكبار إلى أحفاد شهداء الكرامة وورثتهم من أبناء الجيش الأردني والأجهزة الأمنية وهم يقبضون على جمر الوطن، ويقفون على ثغوره لا يشكون إليه تعبهم وسهرهم في زمن المرجفين والمشككين. 
حمى الله ألأردن من طيش المغامرين وتسلط العابثين 
حمى الله الجيش العربي الأردني والأجهزة الأمنية 
حمى الله الشرفاء من ألأردنيين 
د.سليمان الفرعين الخضير