البعد غير المنظور حول تصريحات الملك



ردود الفعل المتطرفة والجدل الواسع الذي أثارته التصريحات المنسوبة للملك وحرب البيانات واندفاع الكتاب والتحليلات ومدى الانتهازية التي تصرف بها البعض لها دلالات كبيرة وعميقة لكل من هو معني بالشأن العام الأردني ..

لقد أظهرت هذه الحادثة أن معظم المشتغلين بالشأن العام هم عبارة عن جهات أو أشخاص متلقين للمعلومة الأخبارية ويمكن توجيههم بأي أتجاه سلبي أو ايجابي بكل بسهولة اعتمادا على ما يتمتعون به من كم كبير من الديكتاتورية والتهور والأندفاع ..

لقد أظهرت هذه الحادثة مدى تأثر و / أو ثقة الأردنيين العمياء بالصحافة غير الأردنية وقد لمس المتابع تكرر ذلك التأثير في الرأي العام الاردني من نخب وشعب حتى بالصحافة الأسرائيلية الموجهة وفي أكثر من مناسبة ..

لقد أظهرت هذه الحادثة أن قضية الحرية والتعبير عن الرأي ليست قضية استبداد الدولة ومؤسساتها فقط بل أن المجتمع الأردني أستبدادي بطبيعته وأن الملك نفسه يعاني من هذا الأستبداد ولا يستطيع أن يعبر عن رأيه وأن المحرمات الأجتماعية والسياسية والامنية ستظل قيودا مانعة لمناقشة قضايانا الوطنية بكل حرية وبالتالي فهي قيود مانعة من معالجة هذه القضايا التي تعتبر العقبة الأساسية في وجه التطور والتقدم في كل مجتمع ..

لست بصدد الحديث عن تفاصيل ما نشرته الصحافة الامريكية وما قامت به الصحيفة او الكاتب من خلط واضح ما بين عبارات منسوبة للملك وتحليلات ورأي الكاتب لأنه من العبث التصدي لما هو مشكوك في مدى صحته او مصداقيته او أهميته لا سيما في ظل وجود جهات انتهازية تنتظر اللحظة لألتقاطها ..

ولكن على المستوى الشخصي وتأكيدا على حالة الأستبداد الأردني الرسمي والشعبي فلقد تمنيت فعلا لو قال الملك نصف أو ربع ما نسب أليه أو جرى تسليط الضوء فيه على شخصيته لأننا بحاجة لقيادة من هذا النمط الذي ينحاز للحرية بأعتبارها القضية الأردنية الأولى ولكن هيهات فثقافة الأستبداد المتجذرة في نخاع العظم العربي يعجز عن الوقوف في وجهها حتى الملك نفسه ..