كلام ملك وضربة معلم
ما الذي يمنع من إعادة صياغة العقد الإجتماعي بين الملك والشعب ليتناسب مع المستجدات على الصعيدين العالمي والعربي. لقد بات واضحاً بأن الدستور الأردني الذي ينص في المادة الثلاثين منه على أن (الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية) نص بحاجة إلى مراجعة عميقة كون الملك في المواد الدستورية (31-40) يمارس جميع السلطات التي يمكن أن يفكر فيها أي نظام سياسي في العالم. وهو بذلك يتحمّل أعباء هو في غنى عنها وبذلك نضع حداً فاصلاً بين الملك كمرجعية وحَكم لجميع الأردنيين وبين توريطه بالسلطة التنفيذية وإخفاقاتها حيث كثرت مخاطبة جلالة الملك مباشرة كطرف في نجاحات أو إخفاقات الدولة أو حتى فساد بعض أجهزتها.
نعم، هناك الكثير من الأردنيين خائفين حتى من سماع شعار (إسقاط النظام) وأنا من هؤلاء الراغبين بالعيش في ظل ملكية دستورية ينادي بها الملك نفسه ولكن يحوشه عنها حرس صدء، ملكية كتلك الموجودة في إسبانيا وبريطانيا وما المانع في ذلك ما دام جلالة الملك والعائلة الهاشمية الكريمة سيتمتعون بكل الإحترام والتقدير والإجماع وسيتحمل الشعب عبء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
صحيح أنه جرى مؤخراً تعديل على (42) مادة من الدستور ولكن من أجرى هذه التعديلات هي لجنة من لون واحد معينة من الملك ومن صادق على التعديلات هو مجلس النواب السادس عشر (المزور) وفقاً للإعتراف الرسمي. ولهذا فلا بد من صياغة دستور جديد تعده لجنة تسمى لجنة صياغة الدستور ويكون أساسها لجنة الحوار الوطني ويضاف إليها ممثلين عن جميع أطياف المجتمع من أحزاب ونقابات وشخصيات عامة على أن يتم الإنتهاء من الدستور في غضون ثلاثة أشهر ويصادق عليه مجلس الأمة بالتوافق.
وهناك من يقول بأن المشكلة في الأردن ليست بالدستور ولكني كالكثيرين أدعي غير ذلك لأن مطالبة غالبية الأحزاب والقوى الوطنية تتمحور حول التعديلات الدستورية على المواد (34-36) ولذلك يصبح السؤال الأكثر إلحاحاً: ما المانع من إعادة صياغة العقد الإجتماعي بين العائلة الهاشمية والشعب الأردني وبهذا نقطع الطريق على جميع المشككين بكل شيء لأن الثقة باتت شبه معدومة بين النظام والشعب ولا يمكن أن نستمر في هذه الحالة إلا إذا أردنا التوجهه إلى الصدام الأهلي في ظل إحتقان لمرجل يغلي مما إضطر جلالة الملك عبد الله الثاني للتحدث لإيصال أفكاره الإصلاحية من خلال مجلة اتلانتك التي أرى فيها الكثير من الصدق والرغبة في العمل من خلال ما يلي:
1. ضرورة الإنقلاب على الحرس القديم لأنه بات متيقناً بضرورة تغيير هؤلاء البيروقراطيين الذي لن يتركوا مناصبهم إلا لورثتهم الشرعيين.
2. إستحالة إستمرار النظام الملكي على الشكل الحالي ولا بديل عن تعديل الدستور والقبول بحكم الشعب كمصدر للسلطات.
3. الرأسمالية في بلد يفتقر الى الموارد الطبيعية ضرب من الخيال والبطالة بين الشباب حبل سيلتف حول رقبة النظام مهما صرف على هيئات شبابية هلامية مصالحية.
4. ضرورة حل جهاز المخابرات وإعادة تشكيله كدائرة أمن وطني تابعة لوزارة الداخلية.
5. مجلس الأمة الأردني مهندس جينياً ولا يستند إلى شرعية شعبية ولا بد من السماح للشعب بإيصال ممثليهم الحقيقين الى المجلس.
6. مفهوم العائلة الحاكمة في الطريق الى الزوال ولا بديل عن طلب رضاء الشعب للقبول ببعض الإمتيازات للعائلة الهاشمية مقابل القبول بحكم ملكي دستوري.
أعتقد جازماً بأن الملك قد تحدث وأسهب وطلب العفو عما مضى لنعمل على تصحيح المسيرة فدعونا نبدأ من جديد ولنا في الأردن موئل وواحة أمن وإستقرار نُحسد عليه ولا ينقصنا إلا تقديم خيرتنا لقيادة المرحلة القادمة.