صغار المساهمين .. «ملوا الانتظار» !

خلال عام تم تحويل أكثر من 100 شركة الى المحاكم المختصة بسبب مخالفات إرتكبتها , وهو رقم لافت بالنظر الى عدد الشركات الكلي , لكن الملاحظة الأهم في معظم القضايا موضوع المخالفات  هو تعطيل مصالح الناس عندما يتم تعليق تداول الشركات في السوق أو تجميد أعمالها .

شكا مساهمون صغار من أن  تعليق تداول أسهم الشركات سواء المنظورة أمام القضاء أو تلك التي شكلت لها لجان إدارة مؤقتة ,  جمد إستثماراتهم الصغيرة  وهي جل ما يملكون من مدخرات خصوصا وأن البت في القضايا لا يتم بالسرعة اللازمة .

صحيح أن تعليق تداول أسهم الشركات موضوع المخالفات أو تجميد نشاطاتها بإنتظار نتائج التحقيق أو صدور الأحكام هو حماية لإستثمارات وحقوق الناس , بتوفير الحماية لها من أية تأثيرات جانبية لتداعيات القضايا , لكنه باليد الأخرى هو تفريز لهذه الحقوق والمدخرات  بما يحول دون التصرف بها في منافذ أخرى , أضف الى أن الأثر السلبي  قد حصل  بمجرد بدء الحديث عن قضايا أو فساد أو مخالفات في  الشركات المعنية , « فهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها « هذا مثل صحيح فالطريقة التي تتم فيها معالجة أوضاع الشركات  هي تماما  حالة « الشاة» التي  تعاني مرة واحدة فلا  يكترث جسدها الميت  لما قد يحدث بعد ذلك .

الموجة الضارية ضد الشركات   جعلنا في مواجهة قطاع خاص فاسد لا يحترم القانون ويمارس الغش والخداع  عندما نقرأ أن بعض هذه المخالفات تنطوي على فساد يستحق التجريم بينما هي مخالفات إدارية يحفل  قانون الشركات في نصوصه على معالجات لها  لتصويب أوضاعها وتصحيح  القرارات الإدارية التي تندرج تحت باب الاجتهاد الذي لا يستحق التجريم .   

ثمة قضايا لشركات لا تزال تقبع  في مكانها , وثمة شركات لا تزال تعمل بينما هي تحت التصفية فمن يحمي حقوق الغير فيها , وثمة شركات  أكل وشرب الدهر عليها وهي لا تزال تحت التصفية , وقد مل  مساهموها الصغار واصحاب الحقوق فيها  إنتظار الحسم في قضاياها .

نشفق على القضاء الذي يواجه زخما من القضايا لم يواجه مثله في تاريخه , بعضها جوهرية لكن الحلول في  معظمها  كانت متاحة عبر قرارات إدارية  تغطيها القوانين , لكن بعض المسؤولين في هذا الملف , سلكوا فيه الحلول الأسهل وهي « زيح عن كتفك ودع غيرك يتورط وإستريح «.

بقلم:عصام قضماني