في ذكــرى معـركــــة الكرامــــــة الخالـــــدة

كـان الجيش الصهيونـي ما زال مزهــوا ومنتشــيا، بالإنتصــار الذي حققــه على الجيـوش العربيــة في حــرب حزيــران 1967 ، عندمــا فكــر بالدخــول الى الأراضـي الأردنيــة مــن عــدة أماكـــن والإشـتـباك مع الجيش الأردنـــــي .

وكان من أهــداف الصهاينــة هو إحتــلال مزيــدا من الأراضي الأردنيــة المحاذيــة لهــم، لتصبــح منطقــة عازلــة وآمنــة ،تخلــو من رجــال المقاومــة المتواجــدين في تلــك المنطقـــة ، ولتبقــى في يـدهــم ورقــة للمســاومــة عنــد أي مفاوضــات للســلام .

إســتهان الصهاينــة في الجيش الأردنــي لمعرفتــه بأنه ما زال متأثـرا بهزيمــة حزيــران ، ولم يتمكــن في هـذه الفتـرة القصيــرة مـن إعادة تسـليح قواتــه ، وتعويض الأســلحــة التي فقـدها في تلك الحــرب .

وعنــد الفجــر من ذلك اليوم 21 آذار 1968 بــدأت قواتــه في إختــراق الحـدود الأردنيــة ، وكان بحسـاباتــه ومخطـطــاتــه أنها ســتكون نزهــة ولن يستغرق تنفـيـذهـا ســوى ســاعات ، وما كان يـــدري بأن الجيش الأردنــي كان لــه بالمرصــاد ، وواجهــه في كل مكان تسلل إليــه بقــوة وبطولــة ، جعلــت رئيس أركانه (حاييــم بارليــف) يقـــول بعــد المعركــة أن قواتــه فقــدت في هجومهــا على الأردن آليــات عســكريــة تعادل ثلاثــة أضعــاف ما فقــدتــه في حــرب حـزيــران ،وقــال كذلــك أن معركــة الكرامــة كانت فريــدة من نوعهــا ، ولم يتعـود الإسـرائيليــون على هــذا النــوع من المعــارك . أما قائــد العمليــات الإسـرائيليــة (أهــارون بيـلـد) فقــد قال شــاهــدت في حياتـي عـدة مـرات قصـفـا شـديـدا لكنـنـي لم أرى شـيئــا كهــذا مــن قبـــل .

وقــد إسـتبســل الجيش الأردني في قتالــه ، وارتفعــت معنوياتهــم وتصميمــهم على القتــال وطــرد الصهاينــة أكثــر، عندمــا شــاهــدوا مليكــهــم أبا عبــدالله رحمـة الله عليـه ، وهو يقف في ســاحــة المعـركــة وعلـى إحــدى دبابات العـدو المحطمــة ويخاطبهــم بالصمود والقتال بشجاعــة كما عــرف عن الجيـــش الأردنــي .

زادت الخسائــر للصهاينــة في عــدد القتلــى والإصابــات في جنودهــم ، وكذلك كثــرة الآليــات التي أعطبــت أو دمــرت في ســاحــات المعركــة ، مما جعل القيــادة في تل أبيــب تطلب وقــف إطــلاق النــار والذي كان يرفضــه الملــك الراحـــل .

وقــد كــان للتنظيــم الجيــد والمعنويــات العاليــة التي تحلــى بها ضباط وجنود الجيش الأردني وبقيادته الميدانيــة التي تمثلــت في المرحوم مشــهـور حـديـثــه ، الأثــر الكبيــر في تقليــل الخسـائر في الجانــب الأردنــي وارتفاعــه ما بيــن الصهاينــة الذين تقهـقروا وعادوا الى مواقعهــم السـابقــة يجــرون أذيــال الخــزي والعــار ، ويســجل للجيش الأردني وللمقاومــة ، بطولــة في سـجل الشـرف العسـكري تــدرس في القيـادات العسـكريــة الأجـنبيــــــة .

وقــد كانــت وسـتبقــى معــركــة خالــدة ، يسـتخلــص منـهــــــا
العبــر ، وتشــحــذ الهـمــم والعـزائــم ، عنــد كــل نــداء لنــزال العــدو ، بعــد أن ثبــت ان الجيـش الاسـرائيلــي الــذي لا يقهــر ، وهـي مقولــة عشـعشــت في رؤوس الصهاينــة وكادوا يصـدقونهــا ، حيـث لــم تـــدم طويـلا بعــد أن أثبـتـت قــوة قليلــة في العــدد والعــدة من جيشــنا العربــي الأردنــي ومعهــم رجــال من المقاومــة ، آمنــت بالله ونصــره ، وأنهــا صاحبــة حــق تقاتــل من أجلــه ، قادرة على تحطيــم كبريائــه وجبــروتــه ، وقــد كان لهــم ذلك وشــهــد عليــه القاصــي والــدانـــــــــــي .
عزام محمد البوريني