بلاغات كيدية ترّحب بها الدولة!
رسالة النائب جميل النمري الى رئيس الوزراء التي عنونها بعنوان «البلد في قبضة الزعران» رسالة مدوية،ولابد من التوقف عندها مطولا لانها تمثل صوت الناس في كثير من القضايا.
النائب النمري قال في رسالته انه لاحظ في اسبوع واحد ثلاثة حوادث متشابهة،مضمونها ان اي ازعر او شخص قد يعتدي عليك،ويقوم المعتدي بالذهاب الى مركز الامن والادعاء عليك بأنك اعتديت عليه، واحضار تقارير طبية،وبدلا من ان تكون مشتكيا صاحب حق،تصبح في حالات كثيرة مطلوبا وملاحقا،لانك امام بلاغ كيدي،قد يؤدي الى سجنك.
كلام مهم،لاننا نشهد تأبط الناس شراً لبعضهم البعض،وكثيرا مانسمع عن قصص مثل ادعاء احدهم ان فلانا حاول قتله،او قام بتهديده بالقتل،وفي حالات يتم احضار شهود زور،وفي حالات يتم التبلي بأن الشخص قدح مقامات عليا،او شتم البلد،او اهان الدولة،من اجل توريطه في قضية امن دولة،وشهود الزور متوفرين،وبعضهم لديه علاقات هنا او هناك يقوم بتسخيرها لهكذا غايات.
في حالات يرمي الناس انفسهم امام سيارتك،وفي حالات يعتدي عليك انسان،وقد يجلب شهودا يدعون مثلا انك قدحت شرفه.
ذات القصة لها فروع،من الشيكات بتواقيع مزورة،مرورا بالكمبيالات وسندات الامانة،وصولا الى كل انواع التبلي التي باتت شائعة هذه الايام،ولدينا عصابات بلا قلب،تدعي وتزور وتنصب وتحتال،ولامشكلة لديها.
المهم في الرسالة ماقاله النائب حول التعامل الاصم من جانب الجهات الرسمية مع هذه القصة،فمجرد الادعاء،سيجعلك امام مشاكل كثيرة،حتى لو كنت مظلوما،وكثيرا ماسمعنا عن بلاغات كيدية او ادعاءات زائفة،كان هدفها الاصلي الابتزاز المالي.
هذا يفرض حلا جذريا لهكذا قصص،يتجاوز المعاييرالبالية التي يتم الاستناد اليها،وقد بتنا نعيش في مجتمع تنخره الجريمة وقلة الدين لدى البعض،وهذا يقول ان كل شيء محتمل،واخبار مراكز الامن والسجون تفيض بهكذا قصص.
قد يرسل احدهم فتاة الى عملك،لتصرخ فجأة،او لتتدعي انك حاولت التحرش بها،وهكذا تصير في حال الذي ُيقبل قدمها،من اجل النجاة من التهمة،وستدفع مافي جيبك،وتسمع من سائقي التكسيات مئات القصص لمحاولات ابتزاز من فتيات تجري بهذه الطريقة.
رسالة النائب جميل النمري لامست هما يوميا،ادى الى عدم ثقة الناس ببعضهم البعض،والى غياب الثقة في التعاملات،وكأننا بتنا في غابة،والسر في ذلك عائد الى ان كل بلاغ كيدي او ادعاء مزيف سيؤدي الى تدمير المستهدف منه،حتى يتضح زيفه،وفي هكذا حالات قد ينام الشخص لشهور في السجن،ليقال له لاحقا..نعتذر،هذا اذا ثبتت براءته اصلا!.
ذات مرة ادعت مستأجرة على مؤجر ثمانيني وايجار المنزل لم تدفعه منذ عامين، بأنه حاول التحرش بها مقابل عدم دفع الايجار،والرجل الذي مثل امام المدعي العام،لم يجد سخرية في الجواب سوى ماقاله بأنه مستعد ان يدفع ايجارها عشر سنوات مقابل رد قدرته الرجولية اليه في هذا العمر،والجواب يعكس مرارته من هكذا اتهام!.
هذا لايعني عدم وجود بلاغات محقة،حتى لايصبح كل بلاغ او ادعاء مزيفا،لكننا نريد من الامن والقضاء،ان يعيدوا النظر في اسلوب ادارة الشكاوي،حتى لاتصبح هذه المؤسسات محطة يتم توظيفها للانتقامات الشخصية،وحتى لايحتاج الاردني الى ثلاثة مرافقين يرافقونه ليل نهار،من اجل حمايته كشهود عيان،من شهود الزور او تبلي البعض!.
بقلم: ماهر أبو طير