هل تستحق المشاريع إعفاءات تشجيع الاستثمار؟

 

 
اعفاءات كثيرة تحت مسمى تشجيع الاستثمار تقدر بالمليارات سنويا تنعم بها مجموعة كبيرة من المشاريع بموجب القانون الخاص لذلك، دون معرفة مدى احقيتها لامتيازات قياسية تتمثل في إعفاء من الرسوم والضرائب على مدى سنوات طويلة، وفيما اذا كانت تمثل عائدا حقيقيا على الاقتصاد الوطني أم أن مثل هذه الاموال الممنوحة لجهات مختلفة خارجية او داخلية تذهب هدرا في الوقت الذي تعاني فيه الخزينة العامة من ازمة مالية خانقة.
هنالك انطباع عام لدى العديد من المراقبين ذوي العلاقة أن الحاجة باتت ماسة الى إعادة النظر في الاعفاءات الممنوحة لبعض المشروعات التي تقدمت للحصول عليها وتمت الاستجابة لطلبها ما دامت تعاني من ارتباكات واضحة سواء في التمويل الذي يعتمد على البنوك الاردنية عوضا عن إدخال رأسمال خارجي، أو التعثر في إنشاء مشاريعها خلال الفترة الزمنية التي يحددها القانون وهي مهلة ثلاث سنوات للتأسيس أو إقامتها على ارض الواقع، كذلك من حيث تشغيلها للايدي العاملة الاردنية لأنها تفضل عليها استقدام العمال من الخارج لتبقى البطالة ضمن معدلاتها القياسية المرتفعة!
يبدو أن مؤسسة تشجيع الاستثمار في طريقها لمراجعة واقع الحال في المشاريع المشمولة باعفاءاتها بعد أن أعلنت عن تشكيل لجنة خاصة لتقويمها وتتبعها على مدى السنوات الخمس الماضية وتحديدا بين عامي 2008م الى العام الماضي 2012م، فيما يعتبر خطوة تأخرت كثيرا عن موعدها لان الاصل ان يتم التقييم الفعلي على الدوام للمشروعات التي حصلت على الاعفاء خلال هذه الفترة الزمنية الخمسية، لان رأسمالها يزيد على العشرة مليارات دولار وتم منحها تسهيلات توازي نسبة كبيرة من هذه المبالغ الكبيرة!
ما يؤكد أن النتائج لن تكون في صالح مفهوم تشجيع الاستثمار الذي نحاول فيه استقطاب المستثمرين على حساب المالية العامة، أن المؤسسة ذاتها كانت قد نفذت دراسة مماثلة بالتعاون مع البنك المركزي ودائرة الاحصاءات لتتبع المشروعات المستفيدة خلال الاعوام 2004 حتى عام 2007م والبالغ عددها حوالي الفي مشروع شملت 1145 منها كعينة لمختلف القطاعات الصناعية والخدمية، ثبت من نتائجها أن ما تم تنفيذه على ارض الواقع لا يزيد على نسبة ثلاثة وستين بالمئة في حين بلغ ما هو غير قائم اصلا ثلاثة وثلاثين بالمئة والباقي إما متوقف عن العمل او حتى مجهول تماما، ولم تزد الايدي العاملة فيها على حوالي الستين بالمئة، مما يلقي بظلال من الشك عن مدى الجدوى الحقيقية لنسبة عالية من مشاريع تتمتع باعفاءات وامتيازات هائلة بلا وجه حق.
إذا ما كان الاردن يجهد في سبيل استقطاب الاستثمارات وتقديم اعفاءات وامتيازات كبرى للقائمين عليها من مستثمرين، فإنها يجب أن تذهب الى مستحقيها الفعليين الذين يلتزمون بالشروط القانونية المحددة ولا يتجاوزون عليها بأي حال من الاحوال، لانها تمثل في حقيقة الامر خسارة كبيرة على المالية العامة من فقدان ضرائب ورسوم كانت ستشكل رافدا مهما لخزينة الدولة عوضا عن ضياعها في دهاليز اوهام تشجيع الاستثمار.
بقلم: هاشم خريسات