بإنتظار برنامج اقتصادي

في الأسبوع المقبل ستكون حكومة الدكتور عبدالله النسور قد شكلت , لكن ما هو أهم فيما يلي من خطوات هو برنامج الحكومة الإقتصادي .

قد يقول قائل أن برنامجا متفق عليه مع صندوق النقد مدته ثلاث سنوات قد وضع فعلا وأن الحكومة ملتزمة به لكن هذا البرنامج , يغطي السياسة المالية , بينما أن الحاجة ملحة لبرنامج إقتصادي متكامل يهدف الى تحفيز الإقتصاد ويضمن استثمارا ماليا وإقتصاديا ويتصدى للمشكلات التي تبدأ بالبطالة والفقر ولا تنتهي بتعزيز الإنتاج وتحقيق النمو وتحسين مستوى الخدمات والدخل ويمتد الى إصلاحات مطلوبة في قطاعي التعليم والصحة ويعزز الإستثمار في القطاعات كافة .

شكل الفريق الإقتصادي مهم لكن البرنامج الذي سينفذه هذا الفريق هو الأهم , ومهما كانت شخوص الفريق فالبرنامج هو المتكأ وهو الذي يفترض أن يقيم أداء الفريق أو الحكومة على أساسه و تحاسب على تنفيذه , فلطالما كان التقييم فيما مضى يفتقد الى الموضوعية إذ يتناول الأشخاص دون الالتفات الى البرنامج .

الحكومة الجديدة أمام إستحقاقات إقتصادية تستدعي الجرأة , بتهميش الشعبية , وإن كانت مطالبة بالإستماع أكثر الى مطالب الناس , في حوار تبادلي يأخذ الفهم وتقدير الأوضاع عنوانا أساسيا له , لكن عليها في المقابل أن تمنح المستقبل نظرة أوسع ووقتا أكبر , لتشغل أجندة الحكومة بدءا برئيسها وحتى أخر الوزراء فيها ترتيبا .

 نحتاج اليوم الى خارطة طريق , بمعالم واضحة ومحددة الأهداف , تحدد مواطن الخلل والتحديات الماثلة وتلتفت الى تنفيذ وانجاز المشاريع والبرامج بدءا بمعالجة عجز الموازنة , و تنفيذ المشاريع الحيوية المولدة لفرص العمل والمحفزة للنمو و تسريع العمل بالاصلاحات المالية سواء في هيكل الضرائب أو في التشوهات المالية التي رسخت التوسع في الإنفاق والإستهلاك غير الضروري دون المساس بمكتسبات الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل .

 بقي في البال ملاحظتان , الأولى أن مناقشة برنامج الحكومة لا يجب أن يقتصر على مجلس النواب فقط فعلى الحكومة أن تشرك المجتمع الإقتصادي بكل توجهاته في مناقشة البرنامج الذي نتوقعه منها , فهناك مجلس إقتصادي إجتماعي يضم خزانا من الأفكار تتدفق من أعضاء يتمتعون بخبرات عملية وعلمية , وهناك هيئات وجمعيات وإتحادات إقتصادية منتخبة وهناك شخصيات إقتصادية مستقلة ورؤساء شركات وبنوك , كل له راي وهو شريك .

 أما الثانية فإن غياب المتابعة والتقييم، هو ما فرغ البرامج من مضمونها , فلو أن هذه البرامج ربطت بجداول زمنية وأليات للقياس , لأمكن إكتشاف الخلل وتصويبه .

 البلاد اليوم تحتاج الى نقلة نوعية تبدأ بعملية تنموية حقيقية تخطط للمستقبل برؤية وطنية لا تطوي عثرات الماضي لكن تستفيد من دروسها بعيدا عن التخطيء وجلد الذات ونبش الأخطاء .