الحزمة الحكومية.. مجرد فزعة!

 

لا شك أن حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، والمتضمنة خفضا لأسعار سلع، وإلغاء جزء ضرائب على المحروقات ستلقى صدى إيجابيا لدى شريحة من الناس، في المقابل لا تعتبر كافية لدى شريحة أخرى؛ كونها خفضا لعدد من القروش على المشتقات النفطية، والتعهد بعدم رفع أسعار سلع هي أصلا مرتفعة، أو طرأ ارتفاع ملحوظ على سعرها قبل أيام مثل الأرز والسكر.


الكلفة التي قدرتها الحكومة لتلك الإجراءات والبالغة 120 مليون دينار بالطبع ستكون محسومة من النفقات الرأسمالية المقدرة بـ1.223 مليار دينار، بحسب تأكيدات المسؤولين في إحداث تنقلات في بنود الموازنة.


تلك الإجراءات لن تخرج عن إطار الفزعة الذي اعتدنا عليه؛ كونها لفترة محدودة ودون رؤيا مستقبلية واضحة لما يحدث حولنا، وبموضع سؤال ماذا سيفعل المسؤولين في حال تجاوز سعر النفط مئة دولار للبرميل؟ مع العلم أن الفاتورة النفطية قفزت قبل شهور قليلة إلى 1.8 مليار دينار، أيضا ما العمل إذا اجتاحت موجة غلاء عالمية جديدة كتلك التي حدثت في عام 2008.


وعودة للنفقات الرأسمالية التي ستتقلص وهي التي أصلا مرصودة لمشاريع تصب في النهاية في معدلات النمو، وتساهم في تشغيل العاطلين عن العمل، وإحداث تنمية مستدامة في إطار الأسطوانة الحكومية المعتادة.


أما فتح باب التعيين فهو إضافة جديدة لأزمة القطاع العام، وحالة التضخم التي يعيشها، وما يستنزفه من رواتب وأجور من الموازنة التي أصلا تعاني من عجز مزمن.


وبالنسبة لتعهدات الحكومة بعدم تعارض الصلاحيات الجديدة الممنوحة لوزير الصناعة والتجارة لآليات السوق الحر، نؤكد أن هنالك إرباكا سيحدث، فلا يستطيع الوزير إرضاء تلك الفئة الراغبة بالتصدير أو تلك التي تنوي الاستيراد، بينما تبقى قوانين ملحة مثل حماية المستهلك والصناعة والتجارة والمنافسة حبيسة الأدراج، وعدم إقرارها حتى الآن يثير تساؤلات إضافية.


لا زلنا نعيش نظام الفزعة، وتحكمنا القرارات المتسرعة دون دراسة المستقبل، ألا نستطيع ونحن نملك الخبرات والخامات الانسانية القيمة إعداد برنامج إصلاح وطني بشقيه الاقتصادي والسياسي؟ أم أننا اعتدنا على استيراد ما لا يناسبنا ولا يتوالف مع واقعنا، مثلما اخترنا الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، بينما نحن لا نملك التشريعات والقوانين اللازمة لتطبيق تلك الاتفاقية.


من جديد، الحزمة الحكومية لن تجدي نفعا، لا بتخفيض عدد العاطلين عن العمل، ولا بمحاصرة معدلات الفقر، فالتضخم والدين العام أقوى بكثير من أي إجراءات فورية لفترة محدودة