لا توزير للنواب


حماده فراعنه

حسن أن تجري المشاورات بين رئيس الوزراء المكلف ، مع الكتل البرلمانية ، وتتكيف على أرضية عدم مشاركة النواب في عضوية الحكومة ، وتستقر على هذا الأساس ، وتفتح تقليداً نحو الحفاظ على إستقلالية المؤسستين التشريعية والتنفيذية عن بعضهما البعض ، لأن لكل منهما وظيفة ودوراً ومهمة مختلفة الواحدة منهما عن الأخرى ، حتى ولو لم يمنع الدستور دمجهما ، ولم يعارض تأديتهما من ذات واحدة .

إستقلالية الحكومة عن مجلس النواب ، يجعل لكل منهما شخصيته المهنية المميزة يؤديها في ظل مراقبة ومتابعة شعبية وإعلامية ومن قبل منظمات المجتمع المدني ، بما يضمن التوازن بينهما ، وفي ظل معايير دستورية تدفع بمجلس النواب كي يؤدي دوره المهني والوظيفي على أعلى مستوى مطلوب ، في التشريع ، وعلى قاعدة التخصص والتفرغ نحو مراقبة المؤسسة التنفيذية وأدائها ، لا أن يكون دوره مزدوجاً في أن يكون تنفيذياً وتشريعياً في نفس الوقت ، وكيف له أن يراقب نفسه ، حينما يتولى النائب مهام الوزير ووظيفته ؟؟ .

المشاورات ، بين الرئيس والكتل ، ليست إجرائية أو شكلية ، بل يجب أن تدخل في صلب إهتمامات النواب السياسية ، بإتجاهين أولهما نحو إختيار الذوات الذين سيتولوا المهام الوازية من حيث التخصص والخبرة ، وثانيهما نحو تحديد البرنامج الحكومي وأولوياته ، لأن معركة الثقة تحت القبة ، يجب أن تتركز على هاذين العناوين ، أولاً نوعية الفريق الحكومي ومدى مهنيته ونظافة يده ، وثانياً برنامجه السياسي الأقتصادي الخدماتي التنموي الأمني ، ولذلك يمكن إختصار مراثون جلسات الثقة ، عبر المشاورات الجارية حالياً ، في إختصار عوامل الزمن ، وصولاً نحو حكومة مستقرة وبرنامج حكومي واضح محدد الملامح ، مفهوم ومهضوم ومقبول لدى أغلبية الأردنيين ، لأنهم هدف البرنامج الحكومي وأداته ، إضافة إلى أنهم هم القاعدة الإنتخابية للنواب وتم إختيارهم لينوبوا عن الأردنيين وتمثيلهم في مراقبة الأداء الحكومي ، وفي طليعته إختيار مجلس الوزراء وبرنامجهم التنفيذي .

وبنفس المعيار والقيمة التي يتجه الخيار الأرجح نحو فصل النيابة عن الوزراة ، يجب التعامل مع النيابة بإعتبارها وظيفة ، ووظيفة ليست معنوية أو تشريفية أو أدبية كما يرى البعض ، إنها وظيفة مهنية رفيعة لها إستحقاقاتها المادية المكلفة ، ولهذا يجب العمل على تغطية إحتياجات الوظيفة النيابية ، ومساواتها بالوظيفة الوزارية ، وأن لا تقل عنها إن لم تزد ، ولذلك يجب رفع وتطبيق شعار مساواة النائب بالوزير بكافة الأمتيازات الوظيفية ، من حيث الحقوق المادية والأحترام المعنوي الذي يستحقه النائب كما هو الوزير ، من أجل ليس فقط نجاح المشاورات ، بل من أجل وضع المداميك الأولى للطريق الطويل ، طريق القيم الدستورية والديمقراطية والأحتكام إلى الأغلبية التي تفرزها صناديق الأقتراع .

h.faraneh@yahoo.com