عرب أيدول وعبدة الشياطين!

حينما كنت أشاهد الشريط الترويجي لبرنامج «عرب ايدول» على إحدى قنوات «الترفيه» وقد بدا عشرات الشباب والشابات، وربما مئات، وهم يكادون يمزقون ملابسهم تحرقا وشوقا للبرنامج، والمشاركة فيه، كنت اقول أن ما أشاهده هو أكبر عملية تزوير يمكن أن تحصل، ذلك أن من يرى هؤلاء وهم يتدافعون بصورة هستيرية للخروج من الشاشة ومشاركتك غرفة جلوسك، يعتقد أن شباب العرب وشاباتهم كلهم على هذه الشاكلة المجنونة من صغر العقل والسخافة، وبلغة الأرقام، هؤلاء لا يشكلون إلا نقطة من بحر شباب العرب، الذين يعدون بمئات الملايين، ولكنه الإبهار البصري، واللعب بالصور، زلفى للترويج لبرنامج أقل ما يقال فيه أنه تافه!.
استدعيت هذه الصورة المقرفة، وأنا أجيب عن بضعة أسئلة إذاعة محلية، حول عودة عبدة الشيطان إلى الظهور الوقح في الأردن، وانثالت على رأسي جملة من الحقائق، والأسئلة بين يديْ هذا المشهد، في محاولة لتفسيره!
إنه تعبير عن انهيار منظومة القيم في مختلف مناحي الحياة، فحينما يُحاكم المجاهد بتهمة «الإرهاب» في بلاد العرب والعجم على حد سواء، وحينما يصبح الحرامي وآكل أموال اليتامى ومرتكب الجرائم وغاسل الأموال زعيما ومُنظرا في بلادنا العربية والإسلامية. وحينما يتم تهشيم صورة «النموذج» الديني والسياسي والاجتماعي بشتى السبل، وحينما يسرح الفساد ويمرح في كل مفصل من مفاصل الحياة، ولا يُحاسب بل يُكرّم ويُكافأ. فإن هذا كله يدل بشكل واضح على الخلل الكبير في منظومة القيم والأخلاق والعدالة الاجتماعية.
ظاهرة عبدة الشياطين، عرض للمرض، انظروا معي حولكم كيف انهارت منظومة التعليم، واصبح الأستاذ أو المعلم سواء في الجامعة او المدرسة في حالة يرثى لها، من جميع النواحي، فهو بالكاد يعيش بكرامة، ويحصل على قوت يومه، وإن حصل وشبع، انظر كيف احتل منصبه، بجدارة وكفاءة أم بالواسطة والمحسوبية، وقل مثل هذا عن كل القدوات والنماذج التي «تحتذى»!
قبل أن نتهم عبدة الشيطان بالمروق، وهم كذلك ويستحقون أقسى العقوبات، علينا ان نتهم المجتمع الذي أنتجهم، وأشربهم الماء وأطعمهم الغذاء!.