نحن انتخبناهم!
ليس من حقنا كشعب أن نتذمر من سوء تصرف بعض النواب تحت قبة البرلمان، فنحن الذين اخترناهم بملء الحرية، وربما وجد بيننا من يصفق لهم ويؤيد تلك التصرفات.
ليس هذا فقط بل إن الناخب الأردني أصر على تفويز المرشحين الذين كانوا أمام القضاء بتهمة شراء الأصوات، أي أن شعبنا اعتبر هذه التهمة مشرّفة، وتدل على الكرم والرغبة في مساعدة المواطن الفقير، وبذلك يستحق صاحبها كل الدعم والتأييد ليكمل رسالته تحت القبة.
الديمقراطية مليئـة بالعيوب، ولا يقتصر ذلك على ديمقراطيتنا الاردنية، فهكذا تفعل بعض الشعوب والامثلة عديدة. هكـذا فعل المصريون عندما انتخبوا الإخوان المسلمين والسلفيين ثم ثاروا عليهم، وهكذات فعلت النساء المصريات عندما انتخبن من لا يعترف للمرأة بالمساواة الإنسانية وبالفرص المتكافئة بل يعتبرها عورة.
هـذه (الميزة) لا تقتصر على الشعوب المتخلفة التي ما زالت تعيش في الماضي، فهي صفة عامة تشترك فيها شعوب أخرى ُيفترض أنها عريقة في ممارسة الديمقراطية.
الانتخابات الإيطالية الأخيرة مثلاً انتجت عجباً، فقد أعطى الناخبون المركز الأول لحزب برلسكوني المليونير النسونجي المتهم بالفساد والصلة بالمافيا، وكان قد قاد إيطاليا إلى الخراب الاقتصادي طيلة أيام حكمه الفاشل، فنال 30% من الأصوات، وأعطى الناخبون 25% من أصواتهم لحركة الخمس نجوم التي يقودها ممثل كوميدي اسمه جريلو يتفوق في إضحاك الناس على المسرح، أما ماريو مونتي رئيس الحكومة الحالي الذي أنقذ إيطاليا من الانهيار الاقتصادي، وقام بإصلاحات جوهرية اكسبته احترام العالم، فلم ينل حزبه سوى 10% من الاصوات!.
حتـى الشعب الأميركي لم يتردد في اختيار أسوأ الرؤساء، مثل نيكسون وبوش، ثم إعادة انتخابهما لولاية ثانية بالرغم من المصائب التي جرّاها على أميركا والعالم.
هل نرفض الديمقراطية، ونسـتنكر الحرية، ونطالب بالتعيين بدلاً من الانتخاب، ونستشهد بالمستوى الرفيع للمجلس الوطني الاستشاري الذي قام بدور النواب في غياب الديمقراطية، أو مجلس الأعيان الذي يضم كفاءات رفيعة وخبرات محترمة وتصدر عنه قرارات حكيمة من شانها تصحيح أخطاء المجلس المنتخب، الجواب لا. دعونا نخطئ وندفع ثمن أخطائنا ونتعلم منها، لعلنا نرتقي يومأً ما إلى مستوى الديمقراطية، فما زال بيننا من يقيـّم ويحاسب ويميز بين القمح والزوان. فالديمقراطية على علاتها أسوأ نظام سياسي بعد كل الأنظمة الاخرى.