محمد خروب يكتب..عن الحكومة «المؤقتة» التي.. «لن» تُشكّل!


مضى الثالث عشر من آذار 2013 دون ان تلتقي اطراف الائتلاف السوري المعارض في اسطنبول، حيث كان هدف هذا اللقاء الذي يأخذ صفة الاستعجال في عدد من العواصم الإقليمية وبعض الدولية «المُتورّمة»، مثل باريس، استيلاد حكومة «مؤقتة» يتم منحها مقعد الدولة السورية الشرعية في الجامعة العربية، وتنال لاحقاً وربما في شكل فوري، اعترافا من قبل داعميها ومموليها ومسلحيها كممثل شرعي «وحيد» للشعب السوري، ولا يذهب المرء الى مربع المقامرة اذا ما توقع «في شكل اكيد» ان اجتماعا اخر لمكونات هذا الائتلاف لن يعقد، لا في 18 اذار الجاري، ولا في العشرين منه وبالتأكيد ليس قبل السادس والعشرين منه؟
لماذا 26 آذار؟
لأن قمة عربية «دورية» ستعقد في الدوحة، ولان المساعي المحمومة والضغوط التي لا تتوقف على المعارضات السورية، مصحوبة باغراءات ووعود وسيناريوهات وخطط مرسومة، تروم انضاج الامور قبل حلول ذلك التاريخ حتى يجلس على مقعد سوريا (بعضها ما يزال في الادراج فيما بعضها قيد التنفيذ ميدانياً المعلقة عضويتها بقرار من جامعة نبيل العربي) الشيخ احمد معاذ الخطيب، ورياض سيف وجورج صبرا، ومن تنتدبه جماعة الاخوان المسلمين، ذات الثقل الوازن والحاسم ان شئت، في المجلس الوطني وفي الائتلاف على حد سواء..
الرياح عاكست اشرعة الطامحين الى توجيه ضربة معنوية (اقرأ غير موجعة وبلا جدوى وخصوصاً مقعد الجامعة العربية، الذي لا يساوي شيئا في واقع الحال، اما مقعد الامم المتحدة فهو صعب المنال، ومحاولات انتزاعه تحتاج الى اكثر من براعة قانونية وتخطيط وضغوط، لان هناك في المنظمة الدولية على ما فيها من نقائض ونقائص، تقاليد وقوانين واجراءات ليس بالسهولة تجاوزها او تخطيها او الدوس عليها بفظاظة كما يحدث في جامعة العرب غير الجامعة).
نقول: لم تأت الرياح بما تشتهي سفن العازمين اسقاط النظام السوري، ليس لأن التصويت في الجامعة جاء لغير صالح قيام حكومة كهذه, بل لأن رئيس الائتلاف الشيخ احمد معاذ الخطيب, نزع لغم تقسيم سوريا، بعد أن اشتم رائحة الحريق الكبير الذي يجري استكمال فصوله في الديار السورية, ولهذا قال في حسم «انه غير ذاهب الى اسطنبول» وانه لا يعتزم مقايضة مستقبل بلاده والاجيال السورية بل والتاريخ السوري قديمه والحديث، بمقعد خشبي حتى لو كان «مطهماً» بالذهب كي تلتقط له الصور، ثم تغلق عليه ابواب الاجنحة الفاخرة في الفنادق الفخمة، ويواصل «الاخرون» وبعضهم سوري، عملية تفكيك الدولة السورية, على نحو تصدق فيه مقولة مجرم الحرب الصهيوني التارك منصبه في وزارة الدفاع ايهود باراك يوم امس» بأن سوريا ستختفي قريباً عن الخارطة..
أين من هنا؟
لن يحسم مسار الازمة السورية غير اهلها وهم شاء البعض أم اعترض، السلطة والمعارضات على تشكيلاتها وانتماءاتها ومرجعياتها, دينية أم علمانية ومدنية، مسلحة كانت أم رأت في العمل السياسي والحوار وسيلة لبناء سورية جديدة ديمقراطية، تعددية، تحترم حقوق الانسان ويتم تداول السلطة فيها, على نحو سلمي، بعيداً عن نظرية الحزب القائد أو ارهاب المتخفّين خلف النص الديني..
لموسكو وواشنطن دور لا يقل أهمية عن دور الاطراف السورية وايقاع العنف المتسارع الذي تستعجله وتحث عليه اطراف اقليمية عربية وغير عربية (تركيا ابرزها) وبعض الدول الدولية (فرنسا وبريطانيا) يثير المزيد من الشكوك حول المدى الذي تريد هذه العواصم الوصول اليه بهدف عرقلة أو إفشال «التفاهم» الروسي الاميركي، الذي يرشح أنه وصل الى مرحلة قاب قوسين او أدنى من «الانضاج» يتجاوز حكاية مستقبل أو دور الرئيس السوري ومشاركته أو عدم مشاركته في التنافس على رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولايته الحالية في العام المقبل.
احمد معاذ الخطيب ...اظهر نضجاً ووعياً سياسياً (وهو غير السياسي اصلاً) اكثر عمقاً ووطنية واصالة ومحبة لوطنه ولشعبه من «مناضلي» الفنادق والشاشات واصحاب الجنسيات المزدوجة, وبخاصة الذين كانوا يرطنون بمصطلحات اليسار والعدالة الاجتماعية, واستبدلوها الآن بالقبعة الاميركية وباتوا يروّجون للرأسمالية المتوحشة ونسختها الابشع «النيوليبرالية» والاكثر لفتاً للنظر انهم يتحالفون مع القوى الظلامية والتكفيرية ويدافعون عنها.