ماذا يريد النواب من رئيس الحكومة ؟
|
|||
مرحلة جديدة دخلناها في إطار الإصلاح السياسي وهي مرحلة تشكيل الحكومة ، وكم كان الديوان الملكي موفقا جدا عندما أرسل تقرير مشاورات النواب مع رئيس الديوان إلى الحكومة والنواب ليكون ذلك نمطا من الشفافية ونزاهة التعامل مع قضية في غاية الخطورة ، خاصة أن حديثا نيابيا عن تدخل رئيس الديوان قد طغى على مداولات الصالونات السياسية وبدأ يخرج للشارع العام . تكليف النسور الآن سينقلنا لمرحلة جديدة نطوي خلالها الصفحات السابقة ونبدأ بالتفكير لما بعد ، فمشاورات الرئيس مع الكتل والأفراد في المجلس يجب أن تنصب بالدرجة الأولى حول أولويات العمل لمواجهة تحديات تفرض وجودها حاليا خاصة الوضع الاقتصادي وما يتعلق به من قوانين الضريبة والضمان والاستثمار والمالكين والمستأجرين والطاقة والمياه، هذا إضافة لملف الفساد الذي يحتاج إلى وقفة تأنٍّ للتفكير بمعالجة عدد من القضايا واسترداد ما يمكن استرداده بعيدا عن الشوشرة والإساءة للوطن خاصة ونحن نسعى لتعزيز الاستثمار الخارجي وتعزيز المصداقية بالاقتصاد الوطني ومسيرة الإصلاح فيه . النواب الآن بحاجة إلى الاتفاق على الأولويات والتنسيق مع الحكومة حول طبيعة البرنامج القادم وتحديد الأدوار لكل طرف من أطراف المعادلة الوطنية ليصار إلى الوصول لآليات العمل التي من شأنها التخفيف على المواطنين وتقديم الخدمات اللازمة بأسهل وافضل الطرق وإحراز نمو متزايد في قطاعات العمل والإنجاز في المملكة . النواب سيبحثون مع رئيس الحكومة الأزمة السورية وآليات مواجهة هذه القنبلة الموقوتة ومدى التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية للخروج بحلول واقتراحات تخفف من حدة الأزمة التي يواجهها الأردن خاصة مناطق الشمال التي تشهد غزوا بشريا أثر بشكل كبير على حياة المواطن الأردني . الأخوة النواب سيناقشون موضوع السلطة التنفيذية وما طرحه الملك من ثورة بيضاء ترفع من كفاءة الأداء ، وتصل لمستوى الإنجاز الأمثل وتعزز مفهوم النزاهة والشفافية في المناصب العليا وتضع الأسس والمعايير التي تضمن الحقوق والعدالة والإنتاجية للوصول بشكل تدريجي إلى الحاكمية الرشيدة ، بحيث يكون العطاء معيار الترقية والإبداع وسمة التميز . وهذا يتطلب مفاهيم إدارية جديدة وإعادة الهيكلة للعديد من المؤسسات خاصة المستقلة والتركيز على التدريب والتطوير والانفتاح على التجارب العالمية الذي بدوره يقلل النفقات ويرفع من القيمة السوقية للمنجز وساعة العمل الحكومي. الأخوة النواب سيطرحون أمام الرئيس موضوع اللامركزية وأهمية التركيز على تنمية المحافظات وتعزيز دور أبنائها في صنع القرار ومدى تفعيل صندوق تنمية المحافظات وآليات دعمه ومدى انعكاس ذلك عليها خاصة من خلال إقامة مشاريع البنية التحتية ومشاريع مساندة اقتصادية من شأنها تنمية تلك المجتمعات وتشغيل الأيدي العاملة فيها . الأخوة النواب سيبحثون موضوع الوزرنة وسينقسمون في الطرح ، فمنهم من يدرك أهمية تفرغ النائب لعمله كنائب ، وكما أراده المواطن أن يكون، يحمل ( بطيخة ) واحدة يتقن اللعب بمفاتيحها ويدرك كامل تفاصيلها وعناوينها الظاهرة وما بين السطور وبالتالي انعكاس ذلك على رضا القواعد الانتخابية الذي سيحقق بداية شعور النائب بالعطاء والإنجاز والقيام بالمسؤولية الملقاة على عاتقه خير قيام . القسم الآخر من النواب وهم قلة سوف يطالبون بالوزرنه على اعتبار أنها استحقاق لمفهوم الحكومة البرلمانية وبالتالي ضبط إيقاع الحكومة للعمل وفق آليات تنسجم مع تطلعات وقرارات وتوجهات المجلس .وهذا بطبيعة الحال تفكير منطقي لكن الأمر يكون اكثر تمثيلا عندما يكون غالبية أعضاء المجلس هم من الأحزاب التي تتنافس على برامج يسعى الفائز بالأغلبية إلى تحقيق البرنامج من خلال السلطة التنفيذية ؛ لهذا فإن إعطاء الفرصة لرئيس الحكومة في اختيار أعضاء فريقه يعني تحميله المسؤولية الكاملة عن الأداء الحكومي وبالتالي انجازاتها الوطنية. اعتقد أن مصلحة الوطن الآن تتطلب أن يشمّر النشامى عن (ذرعانهم ) فالوطن أحوج ما يكون للنائب كنائب والوزير (كحراث ) حقيقي لا ينقطع عن الناس في مناطقهم بعيدا عن المكاتب والمكيفات، يطبق خططه وبرامجه على ارض الواقع ، نجاحه إرضاء الناس، وهذا ما يطمح إليه النائب كونه معيار البقاء والاستمرار والديمومة. |