حكومة نظيفة وطاهرة

تعهد د. عبد الله النسور رئيس الوزراء المكلف في أول تصريحاته للصحفيين، بأن حكومته ستكون نظيفة وطاهرة، ونحن بدورنا نجزم أن د. النسور قادر على تشكيل هذه الحكومة وبهذه الصفات، لأنه مؤهل لإحداث هذا الاختراق في تشكيل الحكومات فهو رجل غير فاسد،وجريء، ويؤمن بضرورة محاربة الفساد والمفسدين، وهذا يستدعي في تقديرنا أن يختار الرئيس فريقا لا تحوم حول أيٍ من أعضائه شبهة الفساد، ولم يثر أحد منهم من الوظيفة العامة، فلا يملك تجارة أو شركات تفوح منها رائحة الفساد والبزنس الحرام وغسيل الأموال.. وأن يكون هذا الفريق رشيقا قليل العدد ،وقبل ذلك وبعده أن يراعي د. النسور في اختيار هذا الفريق معيارا واحدا هو الكفاءة والنزاهة فقط، ويلغي وإلى الأبد معيار المناطقية والمحاصصة ،والتي كانت سببا في تضخم عدد الوزراء، وفي وجود نفر غير مؤهل وغير كفؤ.

ولاستكمال هذا المنحى نأمل أن يقوم الرئيس وبأسرع وقت ممكن وبالتعاون مع النواب، بتشريع قانون.. من أين لك هذا؟ كونه التعبير الجدي، والوسيلة الأكثر فاعلية للجم هذا الوباء والحد من انتشاره.

ومن ناحية أخرى ،فإن نظافة الحكومة لا تستكمل إلا من خلال تطبيق نهج التقشف على نفسها أولا.. لتكون مثالا ونموذجا للمواطنين وهذا يستدعي بداية اتخاذ قرار بتخفيض رواتب الوزراء فهو التعبير الحقيقي لمشاركة السلطة التنفيذية المواطنين وعدم التميز عنهم ،على أمل أن يلحق بهم النواب والأعيان ،إلى جانب اتخاذ قرار جريء بتحديد استعمال سيارات الوزراء وكبار المسؤولين بحيث لا تخرج من كراج الوزارات والمؤسسات بعد انتهاء الدوام الرسمي، وإعطاء رجال الأمن الحق في توقيف هذه السيارات بعد انتهاء الدوام مهما كان راكبها.

وفي ذات السياق لا بد من التذكير بأن أمام رئيس الوزراء فرصة لا تعوض، ولم تتح لغيره وهي الوقت الكافي "أربع سنوات” لتنفيذ خططه ومخططاته ،أهمها في تقديرنا ،العمل فورا على إعادة النظر في قانون الانتخاب ليحظى بوفاق وطني يعيد اللحمة للشارع السياسي ويقضي على الانقسام العمودي الذي يشق هذا الشارع، وهذا يجعلنا نتساءل بألم عن توصيات البنك الدولي ورفع الأسعار، فهل هذه التوصيات قضاءٌ وقدر لا مفر منه؟ ولماذا ترفض دول كثيرة هذه التوصيات؟. نعتقد أن هناك وسائل أخرى لإصلاح الخلل في بنية الاقتصاد الأردني والخروج من المأزق وهذا يستدعي عقد مؤتمر وطني والأخذ بتوصيات هذا المؤتمر، وأن تعلن الحكومة بجرأة وقف مسلسل رفع الأسعار، ولن تلجأ إلى رفع أسعار الماء والكهرباء مطلقا كما يريد البنك الدولي، وأن تتصدى للمافيات التي تتحكم بمفاصل الأسواق وتعتبر سببا رئيسا لمعاناة المواطنين.

وفي ذات السياق نأمل من الحكومة أن تفتح ملف التطبيع والتصدي لفئة من التجار أساءت للآردن ولشهدائه الذين ضحوا من أجل فلسطين، وأن تتخذ قرارا جريئا بوقف التطبيع والاستيراد من العدو والتصدير عبر ميناء حيفا، ما دام العدو يصر على تدنيس الأقصى وتهويد القدس. واغلاق ملف سحب الارقام الوطنية لى غير رجعة.

باختصار...الحكومة برئاسة د. النسور قادرة فعلا إذا أردات أن تؤسس لمرحلة جديدة في العمل السياسي والمؤسسي، وأن تعيد لمؤسسات الدولة الهيبة والثقة، وذلك عندما تبدأ بنفسها وتكون طاهرة ونظيفة قولا وفعلا.. وديمقراطية بتشريع قانون انتخابات ينهي وإلى الأبد الصوت الواحد، ويحظى بوفاق وطني..وجادة في محاربة الفساد بتشريع قانون من أين لك هذا؟ والله من وراء القصد.