النسور وشرعنة الضغوط

يزعم الدكتور عبدالله النسور أنه متحرر من كل الضغوط، وانه يملك خياراته الكاملة بانتقاء وزرائه واتخاذ قراراته، فلا يوجد –كما صرح– من سيتدخل بعمله.
طبعا هذه المزاعم لا يمكن أن تقنع الاردنيين، فلو صدقنا ما قاله الرجل سنضطر مرغمين للإقرار بأننا نقف امام حالة ديمقراطية نهائية استعادت فيها الحكومة ولايتها العامة وهو ما لا يمكن الاقرار به.
وحتى نفهم سيكولوجية النسور وحدود ذكائه لا بد من الاقرار ان «جواز مرور بقاء الرجل» في منصبه كان بسبب قدرته على شرعنة الضغوط والتدخلات واظهار الحكومة بمظهر المستقلة.
الرئيس قال: ان يُفرض عليه وزراء اعتدنا بقاءهم الدائم وعدم تبعيتهم لمؤسسة الحكومة امر لا يمكن أن يمر، لكنه اردف مسترجعا ومعقبا ان وجودهم محتمل بفعل قناعته هو.
هنا يُظهر الرئيس مهارته بإعطاء كل الشرعية للمحاصصة التي ستجري بين مراكز القرار فيما يتعلق باسماء الوزراء.
كلنا يتذكر يوم قررت حكومة النسور رفع أسعار المحروقات، فلو عدنا لرصد أداء الرئيس لتلمسنا أنه كان «يدق على صدره» ويقسم أغلظ الايمان انه من قرر الرفع، وأن مراكز القرار لا دخل لها ولا تريد لكنه يريد.
هذه الخصلة هي نقطة قوة الرئيس عند المطبخ، انه بخبرته ورغبته في المنصب قادر على اعطاء شرعية لكل المتدخلين والعابرين للحكومات، وكذلك لكل الذين يصنعون القرار في الخفاء ليضعوها على طاولة الحكومة فقط لتمهرها بالتوقيع.
طبعا وحتى لا نجور على الرجل أكثر مما ينبغي، نقول انه جاء للحكومة في فترة صعبة وانه مكبل باتفاقات مع صندوق النقد كما أنه يعاين حالة سياسية اردنية يصنع فيها القرار في أكثر من زاوية ومكان.
مرة اخرى ورغم أعذار المشهد المكبل نرى أن الرجل ماهر بإعطاء الشرعية لكل ذلك، فما رفضه رؤساء وزراء سابقون «الكباريتي وغيره» يقبل به النسور جامعا الى جانب القدرة على اعطاء الشرعية الرغبة الجامحة بذلك.
ما يقوم به النسور مكشوف للأردنيين، ولن تنفعه أغلظ الايمان بأنه متحرر من الضغوط، فكمياء التغيير الحقيقي يعرفها الناس تماما ولن يلبس أيا كان عليهم حقيقتها، ولهذا نتكهن أن عمر الحكومة والبرلمان لن يكون اربع سنوات.