لماذا تم تكليف النسور؟

الناس غير مرتاحة من بقاء د.عبد الله النسور في الدوار الرابع، ولعلّ السبب هنا يكمن في فلسفة الرئيس القائمة على التهور في استهداف جيوب المواطنين.
تكليف النسور لا يعدّ مؤشرا على تطور إصلاحي في ذهن مطبخ القرار، كما يمكن اعتباره ردة فعلية عن كل ما قيل عن الحكومة البرلمانية.
دعونا من هذا كله، فلا بوادر لإصلاح تلوح في الأفق، كما أنّ إنتاج حكومة برلمانية من «فراغ في معطياتها» يبدو متعثر ومستحيل الوقوع.
السياسة مليئة بالتعقيدات والتناقضات لكنها في بلدنا تقترب من حدود الإسفاف ومن «الوضوح الاستطقاعي» إلى درجة غريبة المستوى.
هنا يبرز السؤال عن مبررات إعادة تكليف النسور رغم أنّه سيكون مؤشرا على كل السلبيات التي ذكرناها سابقا، وأنّه سيحرج الحكم أمام تساؤلات الناس في كل مكان.
لماذا عبد الله النسور مرة أخرى؟ طبعا ليس الاضطرار وحده هو الإجابة، فاسم الرجل تردد قبل المشاورات بقوة وهو ما كان في آخر المطاف رغم غضبة النواب الأخيرة «أصحاب الخيار في الانتقاء».
النسور انتحاري في دفاعه وتطبيقه لصيغة الاتفاق مع صندوق النقد، وهذا الأمر يعجب السلطات، ولعلّ في رفعة الأسعار الأخيرة ما يثبت أنّه ذكي في تقديم أوراق اعتماده.
الرجل أيضا شديد القدرة على تبنّي كل الأخطاء والسقطات المحتملة لمشروعي الإصلاح السياسي والاقتصادي اللذين تتبنّاهما الدولة، فعبارة «أنا المسؤول وحدي» التي يتقنها النسور تعطيه زخما للبقاء في زمن العسرة والغضب.
الرجل مشروع حقيقي ومانعة صواعق يسهل توظيفها في التخفيف عن القصر وعن الأجهزة الأمنية في مواجهتها لقرارات غير شعبية أو لفشل محتمل في السياسات.
الدكتور النسور لا تنقصه الخبرة ولا يعوزه الذكاء كي يفهم تعقيدات إعادة تكليفه والواجبات الملقاة على عاتقه إزاءها.
لكنه راض بها، عارف بأنّه سيلعب الدور المنوط ثم يرحل بعد ذلك بخفي حنين، هو يعلم أنّ شعبيته التي مضت بسبب رفع أسعار الوقود وأنّ شعبيته القادمة بسبب رفع أسعار الكهرباء ستكون مقصلة إعدامه السياسية، لكنه يرضى ويواصل دون أن نفهم لماذا يا أبو زهير.
النتيجة أنّ خيار الدكتور النسور كان في أبعاده وفوائده لدى الحكم أهم من الإصلاح السياسي، وعليه لا زلنا نلعب في مربع التكتيك تاركين الإستراتيجيات خلف ظهورنا وللأسف
 بقلم: عمر عياصرة 
.