أوراق النسور التفاوضية



حماده فراعنه

ثلاثة أوراق يملكها د . عبد الله النسور ، تجعل منه مرشحاً مكلفاً لرئاسة الحكومة المقبلة ، وأول هذه الأوراق أن إنتخابات مجلس النواب السابع عشر ، صاحب الولاية لمنح الثقة ، جرت في إشراف حكومته الأولى وفاز النواب في عهده ، وهو بذلك ساهم في توفير البنية التحتية والأجواء المناسبة التي شكلت أرضية ملائمة لنجاح هؤلاء النواب ، ولذلك لا يملك أغلبية نواب المجلس السابع عشر ، ملاحظات جوهرية على أدائه قد تكون مست بهم ، أو حالت دون تحقيق أهدافهم بالفوز ، بل على العكس من ذلك ، فإذا كانت ثمة مصلحة توفرت لهم ، فهي تمت بفضل حكومة النسور وعدم تدخلها لصالحهم .

ثانياً : لقد نفذت حكومة النسور إتفاقية التعاقد مع صندوق النقد الدولي ، ومررت قراراته ومطالباته على الأردنيين ، بأقل قدر من الأحتجاجات والحراكات الشعبية ، وبدون قطرة دم واحدة ، وهي بذلك ضمنت تحقيق شروط الحصول على التسهيلات النقدية والمالية بملياري دولار ، لها وقعها الأيجابي ، وسيدفع الأردنيون ثمن ذلك ، بدون رضى عالي ، ولكن بقبول معقول ، على أمل الخروج من المحنة الأقتصادية المستفحلة ، وعبر الأنحياز لعملية الأصلاح الأقتصادي التدريجية المتوقعة .

نجاح د . النسور في تمرير الأتفاقية ، رصيد إضافي له أمام النواب على الرغم من التهويشات الأعلامية والصوت العالي من البعض ، ولكن حقيقة الأمر، ودواخل مجلس النواب وجود رضى نيابي ملموس لا يتمثل فقط بالإنحياز العلني لقطاع من النواب نحو إختياره رئيساً للوزراء ، بل ثمة قطاع أخر من النواب ، يملك قراراً غير علني بالإنحياز للدكتور النسور وقبوله ومنحه الثقة .

أما العامل الثالث ، والذي لا يقل أهمية عن العاملين الأولين ، إن لم يتفوق عليهما فهي أنه لا زال يحظى بثقة رأس الدولة ، جلالة الملك ، له ، لما أبداه من حسن أداء وتحمله للمسؤولية بشجاعة ، وفي إدارة رصينة لفترة صعبة معقدة مررنا ، ولا زلنا بها ، وتتطلب نفس الوضوح والشجاعة في إستكمال الخطوات التي بدأها ، وهي مؤشر على قدرته ومهنيته وخبرته الشخصية التي لعبت دوراً مهماً في تحقيق النجاح لجدول أعمال حكومته المعتمدة على كتاب التكليف وتنفيذ مضامينه .

نجح د . النسور في المرور الصعب خلال فترة حكومته الأولى ، وأمامه مهمتان عسيرتان ، أولهما تشكيل الحكومة ، بأساليب ومشورات جديدة غير متداولة من قبل مع مجلس النواب ، وثانيهما صياغة برنامج حكومي يوفق بين التعارضات المختلفة الواقعة بين رغبات الأردنيين في تحسين معيشتهم كما يسعى لها النواب ، وبين إستحقاقات الأصلاح الأقتصادي في وقف هدر الأموال وتحمل تبعات سياسات حكومية متعاقبة أدت إلى الوضع الأقتصادي الصعب الذي نعيشه ، وهي المهمة الأولى للوظيفة الأولى التي تشغل الأردنيين ومن يشغلها .

h.faraneh@yahoo.com