هل تحتاج التربية إلى إعادة هيكلة؟

 

 
تعتبر وزارة التربية والتعليم أكبر الأجهزة الحكومية في الأردن بكوادرها التي تصل إلى أكثر من مئة ألف من الموظفين المعلمين والإداريين وغيرهم، وهذا ما يقترب من نصف العدد الكلي، إلا أن هذا الكم الكبير من العاملين فيها على اختلاف اختصاصاتهم ومستوياتهم العلمية والفنية والخدمية، يعاني من اختلال كبير في توزيع المهام الموكلة إلى كادر هائل على هذا النحو بما يجعل بعضهم مرهق في واجباته إلى ما يرتفع فوق القدرة والاستطاعة، في حين ينعم بعضهم الآخر برفاهية ما لها حدود في مهام بسيطة تجعل أكثر الدوام الرسمي فراغا في فراغ!
إذا ما كانت الحكومة قد انشغلت نحو أكثر من عام في إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية التي يزيد عددها على الستين بعد أن أصبحت عبئا ثقيلا على الموازنة العامة مع أن عدد العاملين فيها لا يزيدون على أحد عشر ألفا، فإن وزارة التربية والتعليم لا تقل عنها أهمية في ضرورة إعادة هيكلتها على نحو يعيد التوازن المفقود والعدالة الغائبة منذ زمن طويل عن أجهزتها وكوادرها بما أدى إلى أضرار بالفلسفة التربوية والعملية التعليمية برمتها!
إحصائيات التعليم للعام الدراسي الماضي 2011-2012م نفسها كشفت عن حجم الخلل الواسع في إدارة الجهاز التربوي والتعليمي عبر ما تم نشره على الموقع الإلكتروني جهارا نهارا، من مثل أن عدد المعلمات في وزارة التربية والتعليم يزيد عن المعلمين بأكثر من سبعة عشر ألف معلمة في حين يبلغ عدد الطلبة الذكور أكبر من عدد الإناث، ففي حين بلغ عدد المعلمات 44 ألفا و712 معلمة كان عدد المعلمين هو 28 و 901 معلم ليس للحاجة الفعلية إلى خدماتهن، وإنما استجابة للضغوط الهائلة التي كانت تمارس لتعيينهم عبر السنوات الماضية لوجود عدد كبير من الطلبات المتعلقة بهن في ديوان الخدمة المدنية.!
هذه الاختلالات غير السوية انعكست على العملية التربوية بحد ذاتها، فبينما يشير المستوى التعليمي العالمي إلى أن النسبة يجب أن لا تقل عن معلم واحد لكل عشرين طالبا، إلا أنها بلغت في التعليم الثانوي الأردني معلم لكل أحد عشر طالبا وفي الأساسي معلم لكل ثمانية عشر طالبا، بناء على التوزيع العشوائي للمدارس الحكومية الذي أوجد ظلما واضحا في إعطاء بعض المعلمين أكثر من أربعين طالبا لتدريسهم في حين أن ثماني معلمات يدرسن ست طالبات فقط لا غير في نصاب تدريس لا مثيل له في العالم أجمع!
لا يقف الأمر إذا عند إعادة النظر الشاملة في النهج التربوي والتعليمي السائد الذي يتبين كل يوم أنه يعاني من ثغرات بعيدة المدى في جميع مراحله التدريسية، بل يوجب واقع الحال أن تجرى عملية هيكلة واسعة لمختلف جوانبه العلمية والفنية والإدارية لأن بقاء الأوضاع على هذا النحو وازديادها سوءا بين عام وآخر، يعني فقدان الأمل في تصويب بنية أساسية في المجتمع الأردني يترتب عليها تردي الحاضر المدرسي وامتداد !آثاره الخطيرة إلى المستقبل أيضا
 بقلم: هاشم خريسات