برلمان فوق العادة !!!

 

القوانين والأنظمة لم تشرعها الدول عبثا اوترفا اداريا او مزاجيا وتظاهريا امام الرأي العام العالمي والمحلي؛ انما شرعتها لتأخذ طريقها الى دائرة التنفيذ .فلا يمكن ان نتصور بأن مجتمعا ينشد التقدم والرقي بلا قانون يسمو فوق الجميع ينظم ويوجه سلوك الافراد تحت مظلة توقيع الجزاء عند المخالفة، وفي بلادنا مجلس الامة- النواب والاعيان- هو الجهة القائمة على عملية التشريع ؛ لهذا فان على هذه الجهة احترام مخرجات عملية التشريع التي تخرج من بين ايديها وهي الجهة التي عليها الالتزام بالقانون وتنفيذه قبل ان تطلب من الاخرين احترام القانون ؛ فمجرد حمل السلاح في الشارع تُجرم عليه قانونيا ؛ فكيف يكون الامر اذا ما أُشهر هذا السلاح في وجه زميل داخل قبة البرلمان؛ المؤسسة الرسمية للتشريع للأمة ؟! نترك الاجابة للسادة النواب ان يفسروا لنا هذا السلوك المرفوض؛ فقبة البرلمان لها قدسية فهي حاضنة لخيارات الامة - سلطة ومسؤولية - وفيها متسع كبير للاستماع الى كافة وجهات النظر المؤيدة والمخالفة، والنائب لديه من الحصانة الشيء الكثير؛ ما تمنحه الجهر بالقول ولكن دون التطاول والاتهام المسبق على الاخرين دون دليل وضمن اعراف اللياقة والتهذيب في الحديث والاعتراض؛ فهذا هو الاس والمقام في العمل البرلماني .

ان طغيان طابع المناكفة من اجل المناكفة هو في الاصل سلوك غير حضاري وغير برلماني ولايرقى الى المكانة التي تعطى للنائب المحترم فما بالك بالنائب الذي يُشهر السلاح في وجه زميل له يختلف معه في وجة النظر ! لقد انتخبنا نوابا لنا ليساعدوا في تحمل المسؤولية ولتخفيف العبءعلى كواهلنا لا ان يصبح النائب عبئا ثقيل علينا فاي برلمان هذا؟! ان مثل هذه السلوكيات والتصرفات الخاطئة ستسهم في تقريب اجل هذا المجلس وستجعل من هؤلاء الممارسين لهذه الاعمال حفاري قبور لهذا المجلس؛ فهم بهذه الاعمال والسلوكيات المرفوضة شعبيا وقانونيا يعملون على حفر نهايتهم بايديهم؛ وهذا ما لانرضاه لبرلمان هذا الوطن الذي نأمل من ان الاحداث الاخيرة وردود الفعل قد قرعت جرس الانذار بشدة وسمعه الجميع وعادوا الى رشدهم في ظل هذه الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن والتي تتطلب من الجميع- حكومة ونوابا - جمع الصفوف لاتفريقها ، والترفع عن الصغائر لاتكبيرها، والالتفاف حول هذا الحمى العربي الاصيل لتعزيز مكانته بين الدول وتصليب جبهته الداخلية والارتقاء باسلوب العمل والقيام باحترام القانون والاهتداء به من اجل استكمال بناء دولتنا المدنية العصرية الديمقراطية التي يسهم الجميع في اعلاء مداميك البناء فيها – نوابا وتنفيذيين – ونعمل على ترسيخ اعراف وتقاليد برلمانية للاجيال القادمة في كيفية الاختلاف والتعامل مع بعضنا البعض داخل القبة وخارجها ويكون القانون هوالفيصل والمرجعية التي نحتكم اليها وليس الايدي والاطراف الاربعة والسلاح الابيض والمسدسات فعصر الغاب قد ولى واندثر بغير رجعة فنحن الجيل الجديد نريد أن نبني دولة القانون لا دولة العضلات . فهل انتم مصغون لهذا النداء ايها السادة النواب المحترمون ... نأمل ذلك .