لماذا خليفات !

ان كان ما يتردد صحيحا حول أن الديوان الملكي قد وصل الى قناعة أن غالبية النواب قد مالوا لصالح ترشيح عوض خليفات لرئاسة الحكومة القادمة بسبب رفض " المجلس " لقرار حكومة النسور رفع أسعار المشتقات النفطية ، فأن ما جرى ويجري منذ لحظة التشاور كان لعبة سخيفة ساذجة شارك فيها النواب والقصر والحكومة نفسها .
كنت اقنع لو أن النواب الذين مالوا لصالح خليفات والذين يقدر عدههم ب 78 نائبا كما يشاع كان اشترطوا الغاء قرار رفع الأسعار الأخير الذي جاء به النسور أو حصولهم على وعد بالامتناع عن رفع اسعار الكهرباء والمياه خلال الصيف القادم ، او لو انه وعد بوقف التلاعب بقرار فك الأرتباط والتوقف عن منح الجنسيات العشوائية التي تجري في وزارته هذه الأيام ، ولو حصل ذلك السيناريو وأقر او تعهد خليفات بتلك الوعود ، لكان بالامكان الوصول لقناعه أن النواب الى جانب شعبهم وأن ترشيحه كان مقابل ثمن صعب خضع له خليفات ، ولكن ان يتم منح الرجل غالبية أصوات اعضاء المجلس دون مقابل ، فأن ذلك مؤشر واضح على تداخلات سياسية وامنية ونفوذ مراكز قوى رفعت من رصيد خليفات لما يتمتع به الرجل من رضا متنفذين ولما واجهه النسور من حملة ضارية لاقصاءه عن الرئاسة من قبل مراكز قوى ورؤساء وراء نالوا من الرجل ما لم يناله احد ممن سبقوه لحسابات خاصة كان أدواتها بضعة نواب لم " يوفروا " الرجل وكالوا له ُتهم نحن نعرف انها غير صحيحة ولكنها كما يقال عنزه ولو طارت .
وفيما لو انحاز الديوان الى جانب ترشيحات النواب وإبعاد عبدالله النسور ، فانه هنا قد عاد ليهشم رأس أعوانه ومواليه الذين ركبوا الصعب لقا اخراج البلاد من أزمتها ، وكأن قرار النسور برفع أسعار المشتقات النفطية كان بعيدا عن رغبة القصر او دون علمه ! وهكذا فإن ابعاد النسور سيكون لطمة ما كانت متوقعه من قبل القصر لرجل تحمل عناء مواجهة الناس وتحمل كل تبعات قرارات رفع الأسعار التي شارك وساهم بها القصر ، فكيف يمكن التخلي عن رجل وقف بين خندقيّ مواجهة بين الناس والنظام وتحمل وحده كل ما تراشقه الطرفان عن بعد ومن ثم يضحى به بكل يسر .
لا اعتقد أن خطوة كتلك ستكون " ذكية " بالمطلق ، ورغم أن النسور لا يتمتع بشعبية قال انه لا يبحث عنها مقابل اخراج البلاد من ازمتها الأقتصادية وتدهور سعر الدينار ،فأن الرجل بات امام أعين الناس هو الأفضل للمرحلة القادمة ،وان الهجوم الذي كاله بعض النواب والإعلام كان مبرمجا وُمعد له بعناية ولاعلاقة له برفع الأسعار الأخير ، ،وان خليفات لن يكون الى جانب الفقراء من الشعب حتى لو جرى تسميته ،فسيبقى الحال على ما كان عليه في عهد النسور ، بل وسيعمل على زيادة رفع اسعار الكهرباء بنسيب تفوق " الجنون " وستلعن الناس مرة أخرى الرجل كما لعنت من قبله ، وستبقى " روشيتة " وتوصيات البنك الدولي برفع اسعار المشتقات البترولية والكهرباء والمياه لاحقا هي برنامج أي حكومة قادمة حتى لو قادها كاتب هذه السطور ، فلماذا يجري التشاور مع النواب لتسمية رئيس وزراء بين شخصيتين لن يكون لأي منهما الخيار في برامج وتوجهات تسديد عجز الموازنه والمديونية على حساب الشعب ، بحيث عكست تلك المشاورات صورة مشوهة لمجلس ونواب بانوا قاصرين لايتمتعون بأية ملامح تشير الى أنهم نخبة سياسية أو حتى اجتماعية قادرين على اتخاذ القرار ،الأسوا في ترشيح خليفات أنه الى جانب ما سيكمله من سياسات اقتصادية " مجبر عليها لا بطل " فأنه يحمل برامج سياسية توطينية لا يحملها النسور ، وقد تكون هي إحدى مدعاة تسميته أصلا حتى لو كانت الغلبة للنسور نفسه ..