ندوة حوارية موسعة حول العنف المجتمعي لتربية قصبة عمان

اخبار البلد
تحت رعاية عطوفة الدكتور عبد الكريم اليماني مدير تربية لواء قصبة عمان " عمان الأولى " وبحضور عدد من ممثلي الهيئات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني والمحلي والفعاليات التربوية نظم قسم الارشاد والصحة النفسية في المديرية ندوة حوارية موسعة حول ظاهرة العنف المجتمعي وذلك على مسرح مدرسة برهان كمال الثانوية المهنية .

وقد شارك بهذه الندوة عدد من المختصين وذوي العلاقة حيث مثل الجانب الحواري التربوي عطوفة الدكتور عبد الكريم اليماني مدير التربية متراساَ للجلسة و الجانب الحواري النفسي الدكتور سمير ابو مغلي رئيس جمعية علم النفس الاردنية والجانب الحواري الديني فقد مثله سماحة الدكتور حمدي مراد استاذ الشريعة الاسلامية في جامعة العلوم الاسلامية والجانب الامني فقد مثلة الوكيل عمر الشمايلة من ادارة حماية الاسرة

وقد استهل اللقاء بفلم وثائقي من انتاج قناة رؤيا وبالتعاون مع قسم الارشاد يعبر عن ظاهرة العنف في المجتمع حيث تضمن ابرز الأحداث المجتمعية التي تحمل طابع العنف في مختلف مناحي الحياة وابرازها كظاهرة تحتاج الى تظافر كل الجهود وخاصة مؤسسات المجتمع المدني من اجل ايجاد الحلول التي تحد او تخفف من وطئتها لنصل معا الى ثقافة مجتمعية ترقى الى أسلوب عيش حضاري .

هذا وقد تحدث السيد سهيل شواقفة رئيس قسم الارشاد والصحة النفسية في مديرية تربية لواء قصبة عمان بداية مرحباَ بالحضور ومبينا أهمية عقد هذة الندوات لما لها من تاثير ايجابي في ردء مخاطر الظواهر السلبية في مجتمعنا .. وقد تحدث ايضا عن ظاهرة العنف موضوع الندوة وأسبابها والدور الملقى على عاتق الجميع تجاهها وكذلك استعرض السيد شواقفة منجزات وخطط قسم الإرشاد للحد منها وبتوجيهات من عطوفة مدير التربية وبين أن الفراغ وعدم ممارسة الأنشطة الهادفة تؤثر سلبا في تنامي هذه الظاهرة، لافتا إلى ضرورة ان يتمتع الافراد بقيم وسلوكات ايجابية تقوم على الحوار واحترام الرأي الآخر والبعد عن أشكال العنف التي تفضي إلى عكس الصورة المطلوبة .
.
كما واشار الى ان الأسباب التي يمكن أن تفسر بروز ظاهرة العنف الاجتماعي متعددة ويدخل في تفسيرها أبعاد عديدة نفسية واجتماعية وديمغرافية وسياسية والتي من الصعب الوقوف عليها بشكل علمي إلا بدراسات معمقة ومفصلة. وذكر ان من أهم أسباب بروز ظاهرة العنف تعاظم دور وأهمية المرجعية التقليدية المتمثل بالانتماء مبينا ان الأحداث والمشاجرات أفرزتها ديناميكيات التغير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي .

وتحدث رئيس الجلسة عطوفة الدكتور عبد الكريم اليماني الذي أشار إلى الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى تقشي ظاهرة العنف المجتمعي كالفقر والبطالة والاستقواء الذكوري والمحاكاة ونقص الغذاء الفكري والآثار الاقتصادية والاجتماعية والتربوية ، لافتا إلى أهمية التربية الأسرية والوازع الديني في تنشئة جيل قادر على التعاطي مع ظروف ومتطلبات الحياة العصرية بشكل صحيح.

كما وأشار عطوفة الدكتور اليماني إلى حرص واهتمام القيادة الهاشمية الرائدة بالشباب ووضعهم على سلم الأولويات للحكومات المتعاقبة ليكونوا شركاء فاعلين ومؤثرين في صنع القرار والتعاطي مع الظروف المختلفة بصورة ايجابية تقوم على استشراف المستقبل وتعزيز الولاء والانتماء والحفاظ على المنجزات والمكتسبات الوطنية.
وقال اليماني ان طرح مثل هذه القضايا التي تلامس هموم واحتياجات المواطنين على اختلاف فئاتهم وأعمارهم ومواقعهم يدفعنا لأن تكون مخرجاتنا ذات نفع وفائدة وتلعب دورا مهما في ثقافة المواطنة والتوعية من اجل نبذ كافة أشكال وصور العنف المجتمعي .

وأكد على ضرورة ايلاء هذه الظاهرة جل ّ الاهتمام من مختلف الاطراف ، لافتاَ الى آثار العنف وسلبياته على الفرد والتماسك الاجتماعي، مؤكدا ضرورة تكاتف جهود المؤسسات ومختلف شرائح المجتمع في محاربةهذه الظاهرة ، وعلى رأسها المؤسسات التربوية والتعليمية والأسرة ومؤسسات المجتمع المدني ونوه الى الدور الكبير لوسائل الإعلام للقيام بمسؤولياتها وممارسة دورها الحقيقي الفاعل في توعية أفراد المجتمع بمختلف شرائحة لنبذ العنف وإيجاد بيئة متسامحة تسهم في حماية المجتمع وأفراده،. ولخص عطوفته أبعاد ومظاهر العنف الاجتماعي والمشاجرات الجماعية مؤكدا ان اغلبها عنف شبابي، وهذا مؤشر مهم جدا سببه درجة الإحباط وانسداد فرص العمل التي يعانيها الشباب ذلك ما قد يفسر ردود الفعل المبالغ فيها ودرجة العنف العالية التي تميزت بها المشاجرات الجماعية وخاصة تلك التي اتسمت بالطابع العشائري. ، اذ لم تكن يوما الأعراف العشائرية تشجع الاعتداء على الآخر، والتطاول على القانون او على الدولة وان البعض يتخذ من مفهوم العشائرية الضيق ستارا للتعصب العائلي او الجهوي .

وتطرق إلى العنف الجامعي والابتعاد عن تصفية الحسابات وعن دور التشريعات والأنظمة للحد من ظاهرة العنف المجتمعي في المؤسسات التعليمية العالية وأشكال العنف الجامعي المتمثلة بالاعتداء الجسدي واللفظي وإتلاف الممتلكات المخصصة لخدمة الطلبة، لافتا الى ضرورة مواجهة هذه الظاهرة بكل السبل لا بل كما اعتبرها جريمة بحق الأشخاص أنفسهم ومجتمعهم ومؤسساتهم، داعيا إلى تفعيل القوانين والأنظمة والمجالس التأديبية في الجامعات لتكون رادعا لمن يقدم على سلوك سلبي يؤثر فيه على نفسه وغيره ومجتمعه.

وأكد عطوفتة على ضرورة إشغال وقت فراغ الطلبة بما يعود عليهم بالنفع والفائدة من خلال البرامج الموجهه المتعددة الاهداف والاغراض كالنشاطات اللامنهجية والرحلات مؤكدا أن الفراغ بحد ذاته مفسدة كما ودعا الى مشاركة مختلف أطياف وأفراد المجتمع في النشاطات مؤكدا ان مدارسنا مدارس مجتمعية تفتح ابوابها بعد انتهاء الدوام الرسمي لكافة افراد المجتمع لمارسة الهوايات والنشاطات من خلال الاستفادة من مرافق المدرسة ومبانيها فهي مهيأة لخدمتهم .

كما وأشار عطوفته على ضرورة التغيير في سلوك الطلبة بحيث نصل الى منتج نوعي يتمتع بشخصية محاورة مفاوضة مستمعة للاخر مع ضرورة التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني كالأندية والمساجد والمرافق الاجتماعية المختلفة والاندماج من خلال الاعمال التطوعية .. مع ضرورة تعزيز قيم الولاء والانتماء للاسرة والمدرسة والمجتمع والوطن والابتعاد عن الثقافة المحرضة والتمسك بقيم الحياة المعاصرة . وتعزيز ثقافة التضامن .

اما الدكتور سمير ابو مغلي رئيس جمعية علم النفس الأردنية فقد استعرض أهم مسببات العنف كأحد الظواهر السلبية وتحدث عن عده أسباب أدت وتؤدي إلى تنامي هذه الظاهرة مستعرضا الجانب النفسي والنظريات القائمة على الاحباط العدواني والعلاقة الترابطية بين العنف والإحباط ومدى الاستجابة لهما واكد ان المجتمع مازال يفتقر الى ثقافة الحوار ضمن الادبيات النفسية وكيفية تشكل العنف والعوامل والاضطرابات التي تخلقها الظروف مبينا ان هناك مجموعات ضاغطة تؤدي الى استفحال ظاهرة العنف المجتمعي الطائفي والعشائري من خلال الفهم الخاطئ لمضمون العشائرية كما وتحدث عن نمذجة العدوان وتقليد سلوك الاخرين، مما يؤدي الى ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻔﺭﺩ بالسلوك العدواني

وأشار إلى ان العدوان لا يحتاج إلى ردود فعل آلية ولا إلى تهاون وتجاهل في معالجته بل يتطلب جهدا مشتركا بين أطراف العملية التربوية لان التربية هي "مسؤولية مشتركة " ويتطلب أيضا تفكيرا عميقا لجميع الفاعلين التربويين لإيجاد الحلول المناسبة التي تحد وتخفف من انتشار هذه الظاهرة والتصدي الخلاق لها.
وأوضح ان الجيل الجديد يحتاج إلى أساس ثابت ومتين من قيم عليا راسخة في ديننا الحنيف، وأخلاق مستمدة من رسولنا الكريم ،وعلينا أن نعلمه أن العنف لا يولد إلا العنف وأن "العدوان لا يولد إلا العدوان " لا نعلمه بالقول والتنظير والشعارات المستهلكة ولكن بممارسة سلوكيات معتدلة في التعامل مع الآخرين.

من جانبه تحدث سماحة الدكتور حمدي مراد الأستاذ في جامعة العلوم الإسلامية عن العنف بمفهومه الإسلامي وعرّف العنف المجتمعي بأنه الإساءة للآخر في المجتمع أكان قريباً أو بعيداً، معتبراً أنه بكل درجاته أكان بالإشارة أو الكلمة أو الفعل فكل من أساء إلى الآخر والى نفسه فهو عنف اجتماعي.
وأكد أن الإسلام لم يشرع للعنف الاجتماعي أي سبب يقبل إلا ما كان على شكل عقوبات شرعها الله حماية للناس والمجتمع، شريطة أن تكون العقوبة عادلة بسبب ما ارتكبه من ذنب أو اعتداء على الآخرين وهذه العقوبة لمنع التكرار أو الاعتداء على الآخرين.
وبين أنه لا توجد أسباب تجيز العنف غير أسباب العقوبات المشروعة سواء تذرع البعض بحجة التربية لزوجته وأولاده أو بحجة ردع الآخر شريكا أو جارا أو صديقا مسلما أو غير مسلم لأن منهج الإحسان والتسامح والتحابب والإصلاح والتفاهم والحوار هو أساس العلاقة بين المسلم أو غيره بغض النظر عن صلة القرابة والدين والجنس.
وأوضح مراد أننا أمام ظاهرة ومن أهم حلولها نشر ثقافة التسامح والحوار مع الآخر واحترامه وسعة الصدر والصبر وعدم التسرع في الحكم على الأشياء عند الاختلاف وإبعاد روح الانتقام وردود الفعل والغضب وسوء الفهم والتخلق بالأخلاق الفاضلة.
وبين الى ضرورة وضع حد للانفلات الأخلاقي وتقويم اللاخلاق والابتعاد عن توريط العشائرية في الازمات والتصاعد السلبي لها ومشكلة الآفات والرذائل وحرية الثقافة الزائفة التي غذّت العادات السلبية
كما واشار الى وسائل الاعلام غير المفلترة وتعزيزها لثقافات بعيدة عن اخلاقنا وقيمنا اضافة الى الوضع الاقتصادي المتردي ودعا الى ضرورة تفعيل دور القانون والمناهج الدراسية بشكل ورشي اكثر منه نظري .
أما مندوب ادارية حماية الاسرة التابعة لمديرية الامن العام الوكيل عمر الشمايلة فقد بين مهام ومسؤوليات ادارة حماية الاسرة في التصدي للعنف الاسري والعمل مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية للوصول إلى مجتمع آمن وخال من العنف قدر المستطاع. وكذلك المحافظة على الأمهات وحماية الأطفال. و نشر التوعية بين أفراد المجتمع المحلي حول ضرورات حماية أفراد الأسرة من العنف وحول ما يمكن أن يتعرض له الأبناء من إيذاء سواءً من داخل الأسرة أو من خارجها .
وقد نهاية الندوة أجاب الدكتور عبد الكريم اليماني عن استفسارات ومداخلات الحضور من مدراء ومديرات مدارس ومعلمين ومعلمات ومرشدين ومرشدات وطلبة وأولياء أمور وشخصيات من مختلف أطياف المجتمع المحلي .
مؤكدا اننا بحاجة ماسة إلى تكريس وتعميق مفاهيم القيم الإنسانية ومفاهيم الحرية الحقة عند جميع مكونات مجتمعنا .. مع ضرورة تبني منظومة القيم الفضيلة التي يحل فيها الإيثار بدل الاستئثار .. وروح التسامح بدل العصبية المدمرة .. والحوار والتفاهم والقبول بالآخر بدل الاختلاف والتزمت والإقصاء .. وهذا يتطلب إيجاد مرجعيات ثقافية مجتمعية حينها سيصبح الجميع مقتنعا ومتشبعا بتلك القيم بهمه الخيرين الطيبين من ابناء هذا البلد الذين حملوا .. وما زالوا يحملون الرسالة بكل أمانة وإخلاص .