وداعا تشافيز


   وأخيراً تـرجَّل الفارس عن صهوة جواده ، واستسلمت روحه الثائرة ، وانحنت أمام جبروت الموت.
رحل تشافيز الأسطورة بعد صراعٍ مرير مع مرض السرطان وهو الذي طالما حاربَ (أمريكا السرطان ) رحل القائد الشجاع فلتفرح أمريكا وكل مَن يستظلّ بمظلتها . وبالمقابل فليبكِ ويحزن كلُّ مَن في قلبه مروءة وفي روحه عنفوان الحرية ،ليحزن وليبكِ بمرارة كل عربي لازال يسري في شراينه دم العروبة النقي .
كان تشافيز نصير الفقراء والمستضعفين ، ومفْزع المظلومين والمقهورين ، كان شوكةً في حلق قوى الاستكبار والاستعمار الغربي . وقف كالطود شامخاً في وجه خفافيش الظلام وجعل لبلاده مكانة ين الأمم ، لم يتشبث بكرسي الرئاسة حباً بالرئاسة والحكم ، بل شعبه مَن أجبره على أن يبقى رئيساً ملهِمَاً له ، كيف لا يبكيه دماً وهو مَن أعاد له كرامته المسلوبة قبل ثرواته المنهوبة ؟
رحل تشافيز وكان حريّاً به أن يرحل ، فالرجال الصالحون المخلصون لشعبهم وأمّتهم ولإنسانيتهم لا يعمَّرون .
رحل تشافيز وقد زرع في نفوس محبّيه وأصدقائه مبادئه السامية وقيمه الخلاّقة التي ستجعله خالداً على مدى التاريخ . تشافيز كان ظاهرة وقفتْ في وجه سياسة الازدواجية في السياسة الدولية ، وقف ضدّ سياسة الكيل بمكيالين التي تتقنها أمريكاوحلفاؤها،فناصرَ قضايانا ووقف إلى جانب حقوقنا التي أضعناها ودافع عنها أكثر منّا أنفسنا ، دافع عنها بإنسانيته ومبادئه التي ترفض الظلم والاعتداء على المستضعَفين وسلب حرياتهم .
كان - واللهِ – عربيّا أكثر ممّن ابتُلينا بهم ممّن يتحكمون بمصائرنا ويسمون أنفسهم قادة ً لشعوبهم فلم نسمع عنه يوما أنّه استدعى الاساطيل وجيّش جيوش العالم لمحاربة أمّته ولم نسمع أنّه أنفق مليارات الدولارات من عوائده النفطية لإسقاط شقيق له أو قتله أو تدمير بلاده لأنه يخالف سياسة الانبطاح التي يتقنها .
تشافيز ناصر لبنان غزّة إبّان العدوان الصهيوني عليهم،ا فطرد سفير الكيان الغاصب من بلاده في الوقت الذي كان الأعراب يشدّون على يد اسرائيل للقضاء على المقاومة
كذلك وقف إلى جانب العراق وسوريا التي تواجه إرهابا عالمياً ليس له مثيل وبتمويل وتسليح نفطي عربي وبمباركة من جامعة التدمير العربية.
تشافيز هو امتداد لسلسلةٍ طويلة لن تنتهي من القادة الملهمين الذين دخلوا التاريخ بأفعالهم ومواقفهم الشجاعة من أوسع الأبواب ، هو امتداد لقادةٍ سبقوه إلى الخلود ، رحلوا ولا زالوا يعيشون فينا : نهرو ، تيتو عبد الناصر الملك فيصل بن عبد العزيز والشهيد الخالد صدام حسين .
وداعاً تشافيز . عشتَ حرّاً ، مُـتَّ حـرّاً . وأبيت إلاّ أن تجعل روحكَ الطاهرة لنا لنصرة الحقّ جسـرا.