حلاوة السميد




قبل خمسين عاما، كنت في الصف الثاني الإبتدائي بمدرسة ماركا الجنوبية، ثم إنتقلت بعدها الى مدرسة جبل النصر بعمّان العاصمة.

كان أمام المدرسة عدة محلات تبيع للطلاب مأكولات وحلويات ولوازم مدرسية، وكان المصور رسمي الطويل يمر على المدرسة ليلتقط صورا بالأبيض والأسود للطلاب، يحصلون عليها بعد تحميضها الذي كان يستغرق وقتا طويلا.

كنا نتخيل الصور قبل إستلامها، ونحلم بها ليل نهار.

ومن بين أحلامنا الكثيرة، أن نكسب القرش أو الشلن المخفي عندما نشتري كاسة الحلاوة بالسميد الملونة بالأصفر والأحمر.

كان ثمن الكاسة تعريفة، أي خمسة فلسات، أو نصف قرش.

كانت أحلامنا متكومة في كاسة صغيرة، لكنها مثل فقاعات الصابون.

الذين فازوا بالقرش أو الشلن طلابٌ معيّنون، لهم سماتٌ مختلفة.

كنا نحسدهم لأن الحظ مبتسم لهم دائما.

وعندما كبرنا، فهمنا أن الذي كان يفوز، لديه معلومات مُبلّغ بها من قبل البائع، حول الكاسة الفائزة، والتي عليها إشارة معينة، وكان البائع يسترد من الفائزين الجوائز، ويردّ اليهم ثمن كاسة الحلاوة بالسميد، أي كانوا يأكلون الحلاوة بالمجان، مقابل دورهم القذر.

كبر الذين فازوا بالكاسات، وكبرنا نحن، لنكتشف بأن ما كان يحدث في المدرسة، يحدث في عالم الكبار (في السن).