عراكات داخل البرلمان .. يا خسارة!
"العراكات” التي شهدها مجلس النواب امس كانت مؤسفة. صحيح انها اعادت الينا جزءا من "فيلم” سبق ان شاهدناه في مجالس سابقة، لكنها في ظل آمال التغيير عمقت داخلنا شعورا بالخيبة وجرحت ثقتنا التي كان يفترض ان تولد مع قدوم مجلس ارتبطت شرعية ولادته بالاصلاح.
اسهل ما يمكن ان نفعله هو ادانة ما حصل، ومواجهة الذين تورطوا فيه "بالتأنيب” والاستنكار، لكن المشكلة -في تقديري- لا تتعلق فقط بهؤلاء النواب "الضحايا” الذين وجدوا انفسهم منقسمين تجاه الحكومة ومواقفها، حيث عكست صورة المجلس امس حالة هذا المجتمع، بكل ما حدث فيه في العامين المنصرمين، فالعراكات هي وجه اخر للحراكات، لكنه وجه مقلوب ورديء الاخراج، والمسدسات التي ظهرت ومعها صورة "العنف” هي وجه اخر "للبلطجة” التي شهدتها شوارعنا فيما مضى، والثنائيات التي اصطنعنا وجودها لتخويف الناس من الاصلاح، خرجت تحت القبة، لكن بشكل اخر.
هذا المشهد الذي تابعنا تفاصيله -بخجل ومرارة- هو افراز لما رأيناه في مجتمعنا بعد ان انسدت امامه الابواب، وتعمقت داخله الازمات، وخرج فيه "قطار نفاد الصبر” عن سكته بعد ان دفعناه للسير بسرعة جنونية، كان يمكن بالطبع ان نرى اداء اخر وحوارات اخرى، هذا لو سمحت لنا مناخاتنا السياسية بافراز افضل ما لدينا، لكننا -للاسف- دخلنا الى التجربة برهانات غير صحيحة، واخطأنا الذهاب الى العناوين الاصلية، لنتفاجأ -هل تفاجأنا حقا؟- بان الصورة لم تتغير، وبأن حوارات "المسدسات” قد عادت، وبان المجلس الذي توقعنا ان يختار الحكومة قد اختار تقديم عروض اخرى في الملاكمة وتوزيع الشتائم.
باختصار، هذا ما فعلناه بانفسنا، ونحن جميعا نتحمل مسؤوليته، فقد تعرض مجتمعنا -تحت مرأى عيوننا- الى ضربات قاسية حولته الى "حارات” متناحرة، وقد تعرضت نخبنا النظيفة الى مرمى سهل لسهامنا مؤسساتنا من هذه الاصابات، وكلما تعهدنا باعادة ثقة الناس بها نصطدم مرة اخرى بمن اوكلت لهم هذه المهمة وقد اعادونا الى الوراء.
المشكلة اكبر من قانون انتخاب افرغ المجلس من الكفاءات وحرمنا من حضور الاحزاب، واكبر من "حسابات” للدفاع عن الموقف الرسمي او "الاستفراد” به، واكبر من احساس البعض بالغضب ومحاولتهم تصفية ما بينهم من خصومات، اكبر من ذلك، لأنها تعكس "حالة” مجتمع استقالت أغلبيته من المشاركة، او أُقيلت -لا فرق- وبرزت نخبه الوليدة الى السطح دون ان يكتمل نضجها فيما توارت النخب الحقيقية عن الانظار او هربت الى العزلة، وانسدت ابواب الحوار فيه وسدت لغة "المعاندة” والمناكفة، والنتيجة هي ما رأينا "بروفته”: فزعات بالايدي، واحتقانات تفرخ مشاجرات، وكتل تتناسل ثم تتبخر، وازمات في الصدور وفي السطور، وعلى المقاعد ايضا.
واذا كان من المهم ان نفهم ما جرى، وان نتصفحه بعيون مفتوحة على الاسباب، فان الاهم ان نتبصر في الاجابة عن سؤال العمل: كيف سنخرج من هذه الدوامة، وكيف سنقدم للناس "الصورة” التي انتظروها وكيف سنعيد لمجتمعنا عافيته ونعالجه من عدوى الانقسامات والجراحات والثارات.
هل لدى احد اجابة؟.
ارجو ان يسعفنا القارئ الكريم في ذلك بعد ان قرأنا اول رسالة من البرلمان.. ويا ليت انها تأخرت قليلا!.
اسهل ما يمكن ان نفعله هو ادانة ما حصل، ومواجهة الذين تورطوا فيه "بالتأنيب” والاستنكار، لكن المشكلة -في تقديري- لا تتعلق فقط بهؤلاء النواب "الضحايا” الذين وجدوا انفسهم منقسمين تجاه الحكومة ومواقفها، حيث عكست صورة المجلس امس حالة هذا المجتمع، بكل ما حدث فيه في العامين المنصرمين، فالعراكات هي وجه اخر للحراكات، لكنه وجه مقلوب ورديء الاخراج، والمسدسات التي ظهرت ومعها صورة "العنف” هي وجه اخر "للبلطجة” التي شهدتها شوارعنا فيما مضى، والثنائيات التي اصطنعنا وجودها لتخويف الناس من الاصلاح، خرجت تحت القبة، لكن بشكل اخر.
هذا المشهد الذي تابعنا تفاصيله -بخجل ومرارة- هو افراز لما رأيناه في مجتمعنا بعد ان انسدت امامه الابواب، وتعمقت داخله الازمات، وخرج فيه "قطار نفاد الصبر” عن سكته بعد ان دفعناه للسير بسرعة جنونية، كان يمكن بالطبع ان نرى اداء اخر وحوارات اخرى، هذا لو سمحت لنا مناخاتنا السياسية بافراز افضل ما لدينا، لكننا -للاسف- دخلنا الى التجربة برهانات غير صحيحة، واخطأنا الذهاب الى العناوين الاصلية، لنتفاجأ -هل تفاجأنا حقا؟- بان الصورة لم تتغير، وبأن حوارات "المسدسات” قد عادت، وبان المجلس الذي توقعنا ان يختار الحكومة قد اختار تقديم عروض اخرى في الملاكمة وتوزيع الشتائم.
باختصار، هذا ما فعلناه بانفسنا، ونحن جميعا نتحمل مسؤوليته، فقد تعرض مجتمعنا -تحت مرأى عيوننا- الى ضربات قاسية حولته الى "حارات” متناحرة، وقد تعرضت نخبنا النظيفة الى مرمى سهل لسهامنا مؤسساتنا من هذه الاصابات، وكلما تعهدنا باعادة ثقة الناس بها نصطدم مرة اخرى بمن اوكلت لهم هذه المهمة وقد اعادونا الى الوراء.
المشكلة اكبر من قانون انتخاب افرغ المجلس من الكفاءات وحرمنا من حضور الاحزاب، واكبر من "حسابات” للدفاع عن الموقف الرسمي او "الاستفراد” به، واكبر من احساس البعض بالغضب ومحاولتهم تصفية ما بينهم من خصومات، اكبر من ذلك، لأنها تعكس "حالة” مجتمع استقالت أغلبيته من المشاركة، او أُقيلت -لا فرق- وبرزت نخبه الوليدة الى السطح دون ان يكتمل نضجها فيما توارت النخب الحقيقية عن الانظار او هربت الى العزلة، وانسدت ابواب الحوار فيه وسدت لغة "المعاندة” والمناكفة، والنتيجة هي ما رأينا "بروفته”: فزعات بالايدي، واحتقانات تفرخ مشاجرات، وكتل تتناسل ثم تتبخر، وازمات في الصدور وفي السطور، وعلى المقاعد ايضا.
واذا كان من المهم ان نفهم ما جرى، وان نتصفحه بعيون مفتوحة على الاسباب، فان الاهم ان نتبصر في الاجابة عن سؤال العمل: كيف سنخرج من هذه الدوامة، وكيف سنقدم للناس "الصورة” التي انتظروها وكيف سنعيد لمجتمعنا عافيته ونعالجه من عدوى الانقسامات والجراحات والثارات.
هل لدى احد اجابة؟.
ارجو ان يسعفنا القارئ الكريم في ذلك بعد ان قرأنا اول رسالة من البرلمان.. ويا ليت انها تأخرت قليلا!.