جوهر الديمقراطية في الورقة الملكية الثالثة
أخبار البلد
وضع الملك عبدالله الثاني في ورقته النقاشية الثانية القاعدة الأساس لمنظومة الحياة الديمقراطية الاردنية، في حين حددت ورقته الثالثة كيفية انجاح الديمقراطية وتجديدها من خلال حكومات برلمانية فاعلة وأحزاب لها قواعد واسعة، لبناء مستقبل ديمقراطي حقيقي يؤكد جوهر الإصلاح والتغيير، وهذا لا يتم دون ثقافة ديمقراطية تتجذر في المؤسسات العامة والحياة السياسية في المجتمع، وذلك لإرساء نهج الحكومات البرلمانية التي تقوم على التعددية والتسامح وسيادة القانون والفصل بين السلطات، والاستمرار في تطوير النظام الانتخابي عبر القنوات الدستورية، وصولاً إلى مفهوم الحكومة البرلمانية وتعميقها.
الورقة الثالثة تؤكد وجود منظومة متطورة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل بين السلطات وتوازنها وآليات الرقابة التي تتسم بالعدالة والشفافية والنزاهة، ومن ثم كيفية إشراك النواب في الحكومة بالتدريج والتوازي، وهذا يحتاج الى نضج العمل السياسي النيابي الحزبي، اضافة الى أهمية تطوير عمل الجهاز الحكومي لكي يصبح مهنيا وحيادا وبعيدا عن تسييس الأداء، ومرجعاً موثوقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية لدعم الحكومات البرلمانية في قراراتها. وتنطلق هذه الورقة من رغبة ملكية أكيدة في ترسيخ ديمقراطية الحوار حول المسائل الديمقراطية كافة، بما فيها اختيار شخص رئيس الوزراء وإشراك النواب في الحكومة من عدمه، وتحويل ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة تقوم بها الاحزاب بحيث تتيح الحوار والتنافس الجاد بين الأفكار والاطروحات التي يحتاجها الأردن، وصولاً إلى منظومة حزبية حقيقية تُشكل فيما بعد الحكومة، كما اشارت الورقة إلى دور مجلس النواب في تشريع قوانين ذات اولوية في خدمة المصالح الوطنية العليا كي يخضع لمساءلة الناخبين، وهذا هو جوهر مسؤوليات النائب، ولا بد أن يوازن النائب بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة لتجسيد الأداء السياسي الفاعل، حيث يترتب على النواب العمل مع بعضهم بعضا. وتناولت الورقة دور رئيس الوزراء ومجلس الوزراء لإعداد برامج عمل شاملة تهدف إلى تحقيق الازدهار وتوفير الأمن لجميع أبناء الوطن. فضلا عن دور الملكية الدستورية الهاشمية التي تستجيب للظروف والمتغيرات وتطلعات الشعب الأردني، اضافة الى دور المواطن الذي يشكل لبنة أساسية مهمة في بناء النظام والمجتمع الديمقراطي السليم.
تؤكد الورقة على أنّ المستقبل أمامنا للحكم على المراحل الديمقراطية كافة، وهذا لا ينفي وجود تحديات وصعوبات في كل مرحلة، غير إن جهد جلالته وحرصه في أوراقه النقاشية يجسد فينا كيف نعمل كل من موقعه لخدمة الاصلاح والتغيير والحياة الديمقراطية، فلا مجال للتقاعس، اذ لا بد من العمل حتى نصل الهدف، لكي نصل في نهاية المطاف إلى أردن منيع يشكل الانموذج الديمقراطي في المنطقة، وبعد فهذا فكر ملكي ديمقراطي طموح يحس بنبض الناس، ويعرف أسس الاصلاح ويتقدم المنطقة برمتها، فكر يؤمن بالحوار نهجا وأسلوبا وحياة، فكر يؤسس قاعدة الاستقرار ويؤمن الجميع على كيفية تجاوز عنق الربيع الى صيف كله نشاط وحركة، فلنقرأ ولنتأمل هذه الورقة بتبصر وروية ونعرف إلى اين يتجه الاردن ونقارنه بمحيطه العربي خاصة دول الربيع العربي التي تجني نتائج غير محمودة.