ما مدى تحصيل الحكومة للأموال الأميرية!

 

 
بدأت الحكومة مع نهاية العام الماضي حملة حكومية شاملة لتحصيل الأموال الأميرية المستحقة على مجموعة كبيرة من الشركات والأفراد، قدّرها التقرير الأخير لديوان المحاسبة لعام 2011 بمبلغ مليارين وخمسمئة وثلاثين مليون دينار، تراكمت عبر سنوات طوال دون أن تقوم الجهات الرسمية بواجبها في ملاحقة المدينين للخزينة العامة، في الوقت الذي تتعالى فيه المديونية العامة الى ما يتجاوز السقف القانوني المحدد عبر قروض داخلية من البنوك الأردنية قاربت ثلاثة عشر مليار دينار حتى الآن.!
معادلة تثير أبلغ التساؤلات حول التهاون الحكومي في تحصيل المبالغ المالية الهائلة التي تترتب في معظمها على القطاع الخاص، مع أن الحكومة في الوقت ذاته قد تحظر على بعض المواطنين السفر الى الخارج لمجرد مبالغ في غاية البساطة لا تزيد على عشرات الدنانير، أما من تصل الديون الرسمية عليهم من ضرائب ورسوم الى مئات الملايين فإنهم يسرحون ويمرحون متحدين لها في مدى قدرتها على إجبارهم على تسديد ما يستحق لها من أموال أميرية منذ زمن بعيد.!
هل النية الحكومية مختلفة في الآونة الراهنة عما كانت عليه طيلة عهود في العمل على استيفاء مستحقاتها المالية المزمنة، هذا ما يظهر للوهلة الأولى من خلال نشر أسماء مئات المكلفين من الأفراد والشركات في الجريدة الرسمية، ممن تستحق عليهم أموال لصالح وزارات ودوائر ومؤسسات حكومية مثل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ومؤسسة تنمية أموال الأيتام ودوائر الجمارك وضريبة الدخل والمبيعات وغيرها من الجهات الرسمية الأخرى، مع إمهال المدينين لفترة اقصاها ستين يوما من تاريخ الاعلان اما أن تكون قد انتهت فعلا أو قاربت على الانتهاء في هذه الايام لدفع المبالغ التي في ذمتهم.
العجيب الغريب في معادلة الديون التي للحكومة لا عليها أن الحكومات المتعاقبة لم تلجأ الى حقها القانوني في استيفاء ما يستحق للخزينة العامة وفقا للمادة ستة من قانون تحصيل الأموال الأميرية لسنة 1952 وتعديلاته السارية منذ ما يزيد على نصف قرن والذي يخوّلها أن تحجز على الأموال الجائز حجزها قانونا اذا ما تخلف المكلفون عن تسديد المبالغ المطلوبة منهم خلال الفترة المحددة، وأن يتم ذلك بقرار من الحاكم الاداري لاستيفاء المستحقات المالية الحكومية، ما يعني أنه قد تم تعليق العمل بهذا النص القانوني الحاسم مراعاة لاصحاب المصالح الذين تمادوا في ادارة الظهر لكل المطالبات بتسديد ديونهم من خلال كتابنا وكتابكم.!
الأيام القادمة ستكون محكا حقيقيا لجدية الحكومة في تحصيل الأموال الاميرية بعد انتهاء المهلة التي حددها القانون، وفيما اذا كانت لن تتوانى عن الحجز على اموال المكلفين المتخلفين عن تسديد الذمم المتحققة عليهم أم أن الامور ستستمر على حالها المزمن في مجرد مطالبات شكلية لن تجد من يتجاوب معها، وان تواصل الاستدانة الحكومية بفوائد عالية من الداخل والخارج تاركة مليارات الدنانير المتحققة لها بيد حفنة من المتمردين على دفع ديونها عليهم.