أغلقوا هذا الملفّ ...
|
|||
هناك نساء بريئات يطالبن بتجنيس أزواج وأبناء المواطنات الأردنيات، بدوافع نسوية وإنسانية. وأنا أشاطرهنّ الرأي، سوى أنني أؤمن بأن الحقوق أولويات؛ فحقوق البلاد فوق حقوق الأولاد، وحقوق الأوطان فوق حقوق الإنسان.
هاته النساء يتم استخدامهن، بدون وعي على الأرجح، كأداة من قبل مجموعات وقوى مرتبطة بالمشروع الأميركي الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، لكن يكون المشهد واضحا جدا؛ فما الذي يدفع "اليو إس ايد"، وسواه من أذرع التمويل الإمبريالي، لتمويل نشاطات ولجان وندوات حول تجنيس أزواج وأبناء المواطنات الأردنيات؟
كذلك، يتم استخدام الشعور بالمظلومية النسوية من قبل مجموعات سياسية من تيار التجنيس والتوطين والمحاصصة الخ فمن المعروف أن أزواج المواطنات الأردنيات هم، في الغالب الأعم، فلسطينيون، وهو ما يعبر عن الوحدة المجتمعية للشعب الفلسطيني المصرّ، ببسالة، على وحدته وتشابكه وتكاثره حفاظا على وجوده شخصيته. وهو توجه وطني نضالي إذا كان موجها ضد إسرائيل وليس على حساب الأردن، البلد الذي تحمل، بلا مَنّ، معظم أعباء القضية الفلسطينية، واستوعب أكثر مما يستطيع من اللاجئين والنازحين، حتى باتوا يشكلون حوالي 43 بالمائة من المواطنين الأردنيين،
أوجه كلامي، هنا، إلى النساء الطيبات المشغوفات بالحقوق النسوية، ولا تهمني النساء المرتبطات بالمشاريع المعادية، وأرجو أن يفكّرن بهدوء فيما يلي:
أولا، لا تستطيع النساء الأردنيات، الشكوى من مظلومية التمييز ضدهن؛ فالدولة والمجتمع في بلدنا، يحدبان على حقوق المرأة، كما ليس موجودا في بلد عربي آخر، اللهم تونس قبل الثورة، وسوريا. ولا أريد أن أعدد، هنا، المكتسبات النسوية في الأردن، في كافة المجالات السياسية والإدارية والأكاديمية الخ، بل أشير، فقط، إلى ظاهرة الإجماعات العشائرية على مرشحات نساء، مما يعكس روح المساواة بين الجنسين، المتأصلة في المجتمع الأردني. وهي روح تسمح بالكثير في مجال حقوق المرأة،
ثانيا، إن تجنيس أزواج وأبناء المواطنات الأردنيات، هو حق نسوي وإنساني، ولكن من المستحيل تطبيقه، للأسف، في بلدنا؛ فنحن نتحدث عما يقرب من مائة ألف حالة زواج من غير أردني، سوف ينجم عنها تجنيس ما يقرب من 700 ألف. وهو ما لا يوجد له مثيل، من حيث النسبة، في العالم كله؛ فالمواطنون الأردنيون يعدون حوالي ستة ملايين وستماية ألف، ما يعني أن تنفيذ المطالبة بتجنيس أزواج وأبناء الأردنيات، يساوي تجنيس حوالي سدس المواطنين! وهذا ما لا يمكن حدوثه، لا في الأردن، ولا في فرنسا، ولا في السويد، ولا في بلد المهاجرين، الولايات المتحدة.
ثالثا، ملف بهذا الحجم، وبهذه الحساسية، ليس لدى السلطات الأردنية، لا القدرة ولا الحق في التعامل معه من منطلق نسوي أو إنساني؛ ذلك لأنه ملف سيادي يتعلق بالمعادلة الديموغرافية السياسية وهوية الكيان الوطني والحفاظ على وحدة الشعب الأردني من انشقاق خطير،
رابعا، إن استحالة تجنيس أزواج وأبناء المواطنات الأردنيات، كما بينا سابقا، تطرح السؤال عن الهدف من وراء طرح المطالبة بها أصلا. ونحن نعتقد أن الهدف الفعلي ليس تحقيق المطلب وإنما إثارة الانشقاق،
خامسا، من الأفضل أن نذهب جميعا، موحّدين، إلى حلول واقعية للمشكلات ذات الطابع الإنساني، والناجمة عن ظاهرة زواج المواطنات الأردنيات من غير أردنيين. ومن ذلك تطبيع الحقوق المدنية لأبناء المطلقات والأيتام من تلك الزيجات، ومعاملتهم كالأردنيين باستثناء الحصول على الجنسية والحقوق السياسية. |