أين الحكومة يا نواب الأمة؟

أعتقد أنه آن أوان أن ننهي المشاورات والملاحقات لاختيار رئيس الحكومة، فالقضية لا تحتاج لمثل هذا الوقت الطويل. الأساس أن يركز النواب على الشخصية التي يعتقدون- بل يتأكدون -أنها ستُنجِح مسيرتهم العملية الإصلاحية، على اعتبار أن الحكومة هي الرديف والمكمل، والأداة التي ستُنجِح هذه العملية، وبالتالي انعكاسها على المواطنين.
الأساس أن يوفر النواب كل عوامل النجاح لهذه الحكومة، على اعتبار أن أي تقصير منها سينعكس على المجتمع، وبالتالي على مجلس النواب ، فالباروميتر الأساسي هم الناس، ورضاهم هو المؤشر الذي سيعطي دفعة وجرعة محفزة للاستمرار بهذا البرنامج، وبالتالي بقاء النواب والحكومة.
القضية ليست من هو الرئيس، ولا مِن أين يكون، وليست بالمعادلة الديموغرافية الجغرافية التي أرخت سدولها على فلسفة الحديث المثار في الصالونات، وحتى في حلقات صنع القرار ، ولكن بماهية وقدرة وتجربة هذه الشخصية القادرة على استيعاب متطلبات المرحلة، والسير في برنامج التعامل معها، خاصة الجانب الاقتصادي الأكثر أهمية وتأثيرا عند المواطن الذي ينظر بشغف كبير إلى البدايات التي سيتعامل بها ومعها المجلس مع الملف الاقتصادي ابتداء من الموازنة، مرورا بالأسعار، وملفات الفساد والضمان والتقاعد والضرائب والمالكين والمستأجرين والمؤسسات المستقلة التي خلقت إرباكا ماليا إداريا، وشوهت هيكل الإدارة في الأردن، إضافة لملفات المحافظات، وفي مقدمتها صندوق المحافظات واللامركزية وإجراء الانتخابات البلدية، هذا مع التحضير الجدي للملفات السياسية وفي مقدمتها ملف قانون الانتخابات وقانون الاحزاب وقانون المطبوعات والنشر..الخ.
هذه القوانين تحتاج إلى برنامج واضح للتعامل معها وإخراجها بشكل محكم يعكس رغبة وتطلعات ومصلحة الناس، وبالتالي الوطن الأردني بمشاركة الناس في صنع القرار، باعتباره مطلبا تقدميا ضروريا لاكتمال العملية الديمقراطية الاصلاحية. فالناس هم المرجعية الحقيقية، ليس للنواب فحسب، بل للحكومات والقيادة، على اعتبار أن ترجمة؛ الشعب هو مصدر السلطات، لا يتم إلا بتنفيذ عناصره، لا الاكتفاء به كشعار خال من الحياة.
لا داعي للمزيد من ضياع الوقت، ولا داعي للمبالغة بالتشاور، فالملاحظ أن المواقف غير واضحة وغير ثابتة، وهذا خلل يؤشر إلى فراغ مهني، خاصة عندما يبدأ النواب بالحديث عن وزرنة النواب ، فمثل هذا الخطأ الاستراتيجي سيؤخر عمل النواب وسيؤدي إلى عرقلة مسيرة أداء النواب، ودورهم النيابي الذي انتخبهم الناس على أساسه، فلا نريد أن نصل لـ " مصيف الغور". لا نفلح بالنيابة ولا بالوزرنة.
الحذر ثم الحذر، لمن يدفع باتجاه وزرنة النواب، الحذر من الوقوع في هذا الخطأ الذي سيكون على حساب العمل البرلماني، وبالتالي فقدان البوصلة الحقيقية لمسيرة أي نائب ، وفقدان قوته الرقابية والتشريعية، وبالتالي حرية رأيه في التعبير عن قواعده الانتخابية وخاصة على مستوى الوطن.
الأساس أن يتم الإعلان عن الرئيس هذا الأسبوع وتشكيل الحكومة مع نهايته من دون انتظار المزيد من الوقت على أن يترك النواب للرئيس المكلف حرية اختيار فريقه العامل معه، وتحميله وزر أي تقصير أو ضعف أو انحراف في الأداء، لأنه في غير ذلك سيختلط الحابل بالنابل، وبالتالي فقدان المجلس ثقة الناس، وعندها نصبح، كأنك يا أبو زيد ما غزيت.