هل البرلمان الأردني: محطة عبور للمراهقين نحو سن الرشد؟!



الكاتب :الدكتور منتصر بركات الزعبي
رغمَ أنَّ الشعبَ الأردنِيَّ أصبحَ أكثرَ فهمًا ووعيًا لمرحلةَ المراهقةِ السياسيَّةِ التي يمرُّ بها نوابُهم ؛إلّا أنَّهم لا يزالون في حِيرةٍ مِن أمرِهِم في كيفيَّةِ التعاملِ معهم ،نظرًا لمفاهيمِهم القاصِرة.
فأسلوبُ الحياةِ العصريَّةِ ،أوجدَ نوعًا جديدًا مِنَ المفاهيمِ التي لازالتْ مُلتبِسَةً عليهمْ غير مُستوعِبِين لمتطلباتِها ؛والتي باتتْ تٌشكِّلُ عائقًا في توطيدِ العلاقةِ بين الشعبِ ونوابِهم المُراهقِين ؛وبناءً على ما سبقَ ،فإنَّ علاماتِ الوعيِّ والإدراكِ والتقديرِ والحكمةِ في التعاطي معَ المُشكلاتِ والأزْماتِ والصراعاتِ غائبةٌ عن نوابِنا المُراهِقين ؛ولعلَّ المراهقةُ السياسيَّةُ ،تتجلى صُورُها في ما نُعايشهُ، فعملياتُ اللفَّ والدورانِ التي يقومُ بها أعضاءُ البرلمانِ الأردنِيِّ العتيدِ عن جدارةٍ واقتدارٍ ؛لتشكيلِ كتلٍ أشبهَ ما تكونُ بالكتلِ السرطانِيَّةِ الخبيثةِ ،لا تدلُ أنَّهم مِنْ ذوي الغيرةِ على هذا الوطنِ وشعبِهِ ؛وإنَّما همْ مجرّد هياكلَ بشريَّةٍ يُخططُ لها ليلَ نهار للكيدِ بالوطنِ ،الذي نُكِبَ بأسوأ تمثيلٍ شعبيٍّ في تاريخهِ ،وليسَ أدلُّ على ذلك مِن أنَّ تلكَ الكتلَ السرطانيَّةَ كانتْ الرائدةَ في الإعدادِ لتوجيهِ ضربةٍ قاضيةٍ لشعبِ الأردنَّ العظيم ،وحسبُك أن تلقيَ نظرةً على نوَّابِ المرحلةِ نوَّابِ المراهقةِ السياسِيَّةِ نوَّاب المجلسِ السابعِ عشرَ ،لِتحكُمَ بكلِّ تجردٍ وإخلاصٍ :هلْ هؤلاءِ في مجموعِهم يمثلون إرادةَ الشعبِ ورؤيتهِ المستقبليَّةِ ونهضتِهِ وراحةِ بالهِ؟!! مِسكينٌ هذا الشعبُ عليهِ الغُرْمُ في أموالِهِ وديارِهِ وراحةِ بالهِ ؛ولهمْ الغنمُ مِنْ أموالِ الدولةِ وجاهِها ونفوذِها وكبريائِها ؛ولهمْ السلطة في أن يفسدوا على الشعب حياتهم وصدقَ اللهُ إذ يقول: [وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ] ﴿٤المنافقون﴾
مَهزلةُ الحكومةِ البرلمانِيَّةِ التي يُروِّجُ لها ،تدلُّ على مدى السخريةِ البالغةِ بهذا الشعبِ ومكوناتِهِ ،وتشرحُ المدى المُخزِي الذي تمشي عليهِ هذهِ الكتلِ السرطانيَّةِ ،في مُحاولةِ تحدٍّ فاضحٍ لإرادةِ الشعبِ ،الذي يدلُّ على حجمِ المُؤامرةِ ،التي يتفاعلُ فيها قادةُ التزويرِ المفجعِ.
فهلْ الحكومةُ التي تَحصلُ على ثقةِ غالبيةِ مجلسِ النوّابِ ،هي حكومةٌ برلمانيةُ ؟ أمَا لو كانَ الأمرُ بهذا الشكلِ فحسبْ ،لكانتْ جميعُ حكوماتِنا برلمانيةً!!.
الحكومةُ البرلمانيّةُ بمعناها المتعارفِ عليهِ في دولِ النظامِ البرلمانيِّ ،[ مطلبُ الأردنيين جميعًا ] ،هي التي تفرزُها أغلبيةٌ نيابيةٌ تجسِّدُ الأحزابَ والقوى السياسيَّةَ في الدولةِ ،ويكونُ دورُ الحكومةِ وضعَ برامجَ تلك الأحزابِ والقوى مَوضعَ التنفيذِ ؛لا أنْ تكونَ حكوماتِ ترضياتٍ وتنفيعاتٍ شلليّةٍ.
نحنُ أمامَ ذاتِ المسرحيَّةِ التي جربنَاها واكتوينا بنارِها عقودًا طويلةً ،إلا أنَّهم لا يزالون يُكررونَها وبنفسِ السيناريو !! لقدْ تعاقبَ الممثلون أنفُسُهم على ذاتِ المسرحِ ،فكرَّسوا مَفهوم الدولةِ الزَّبونِيَّةِ ودولةِ الرَّيْعِ ،بمضامين أدّت إلى الفسادِ والإفسادِ والتسلِط والاستفرادِ بالسلطةِ ،وفرضِ نصوصٍ دستوريةٍ وقانونيّة بأسلوبٍ الفوقيةِ والاستعلائيّةِ ، فهلْ ننتظرُ بعدَ هذا كلِّه إصلاحاً ؟!!
إنَّه مِن دواعِى الحزنِ و الأسَى ،أنْ نجدَ نوابًا بلغَ بهم فهمهمُ القاصرُ حدًّا ،جعَلهم يُصدِّقون ما يُسوَّقُ عليهم مِن ألاعيبَ وفبركاتٍ ،في محاولةٍ لتفريخِ واستنساخِ حكوماتِ تسلطٍ وتجبرٍ عافَها الشعبُ ،طالما غشَّته وخدعَته وأفقرته وجعلتهم متسولين على حاويات النفايات.
نحن نؤكد رفضنا لهذا الفهم الخاطئ ،واستعمال النصوص في غير مواضعها ،وفهمها فهماً غير صحيح ،حتى نفوت الفرصة على المتلاعبين بمصير هذا الشعب أيا كان. قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) الحج 38
Montaser1956@hotmail.com