الحهل خوف




- خسرت أشياء كثيرة ففقدتها، وكنت أبكي الفقد، ربما لأني لم أكن قادرا على فهم فلسفة الخسارة ، ولا أدري هل فقدتها لأني لم أكن قادر على فهمها؟ أم لأني كنت أبحث عن طريقة لحقيقة الفهم، بينما كانت أشيائي في طريقها للهرب.؟ ولكني على يقين من أني حين بحثت عن طريقة للفهم، إنما كنت أخاف فقدها،لأني أُدرك أن عدم الفهم سبيل للفقد، والخوف صنو اللافهم والعمه. وأن الفهم مسلك من نور. والجاهل كمن يصب زيت الظلام من إبريق الليل، في مخاض فجر فيذهب أصل الصبح أدراج العتمة والتخبط.
- فقدان الأشياء فقدان أمان وجودها ، والعزلة فقدان الأشياء؛ وبوصلة ضياع في هذه الدجنة، فقلت أتحصن ولو بوجهة نظر أُؤمن بها وأدافع عنها حتى نهاية التكليف، فهي الحصن الذي سأجد نفسي فيه أو خلفه، فنحن كائنات بيتوتية لاتستطيع أن تعيش إلا بطريقة آمنة، تبحث عنها في محاولة الفهم وتعبر عنها بالتخلص من الجهل، وكثيرون هم الذين يتبنون وجهة نظر ما يتشبثون بها يدافعون عنها، رغم ثقة بعضهم بمغلوطية أصل الفكرة.
-وقد يكون هذا هو ما نطلق عليه الاختصاص، فالطبيب مثلاً حين يتمسك بوجهة نظره الطبية؛ والمعالجة وفق كيميائية الأدوية والتحاليل والمختبرات،ونتائج الفحص ورفض التداوي بالأعشاب والطرق التقليدية، إنما هو يدافع عن وجوده واختصاصه ووجهة نظره، وصمام أمنه وتميزه ووضعه الاجتماعي، فهو يحمي مهنته؛ ويدافع عن كينونته وذاته التي صنعها ورباها وميزها باختصاصها، وكذلك اتقان المهندس لصنعته وضيقه من تدخل الغير؛ في تفاصيل تعنيه فقط كيكفية إدارتها، ويليه المحامي وحتى الموظف الملتزم بأدوار بيروقراطية، إنما ليمنح موقعه أهمية يظن أنه يفقدها، باختصار كثير من الروتينيات المتبعة عادة وضرورة برستيج.
-ولكنه الموت المنصف يساوي جميع الأدوار والدرجات، عاليها ودانيها كأسنان المشط. ورغم هذا وذاك فان وجهة النظر والمهنة والعقيدة واليقين مكملات حياتية، يتشبث بها الكائن ليفهم الدور؛ ولتمنحه الاحساس بالتكامل مع الآخرين، لأداء مهمة الحياة كلٌ في مجاله، ومن هناك تمنح الشعور بالأمان كدافع للاستمرار والحياة.
- حقيقة ايمانك الجوهري بوجهة نظرك، هي امكانية قاهرة تضاهي القوة القاهرة في الموت، فقد ينجح الموت بالعزل بين الروح والجسد وتغييب الشخص عن دوره، لكن تبقى هناك وجهة نظرك التي قد تخلدك في ابداع ابتكار اختراع، مؤلف قيّم أو قصيدة عصماء، أو حتى إجادة مهنة.
- - دعوني أقول ختاماً أن الاحساس بالإمان تحايل على الخوف، والخوف قابل للإغواء وخصوصا حين يكون مصدره الجهل، والخوف عادة يجلس في الزوايا المظلمة من عدم المعرفة، وفي الأركان الآيلة بيوتاً للعنكبوت. أضيء الزوايا ولو بعود كبريت، وإذا قاوم الخوف إغواء الكبريت للعتمة ببدد؛ اهدم الزوايا بمعرفة السبب.
غُنــية الكعــابنــة
محاولــة فهــم
GHANYAH64@YAHOO.COM
2013-3-1