فوضى سياسية في توليد الحكومة الجديدة
أخبار البلد- هذه فوضى سياسية بامتياز،ولا يمكن تسميتها بغير هذا الاسم،ومنذ اسبوعين والبلد محبوسة أنفاسها بانتظار اسم رئيس
الحكومة،وكل المشهد يشي بعدم قدرتنا على التوافق،بل ان مشاورات النواب،اثبتت ان العملية لو تم تركها مفتوحة لاستغرقت عاماً اضافياً.
الى متى نضحك على الناس بهذه الممارسات،كل كتلة تريد اسماً،وكل كتلة تنقسم على نفسها،وكل كتلة تريد شيئاً يختلف عن الاخرى،والبعض يريد توزير النواب،وآخرون يريدون الرئيس من النواب.
كتل نيابية تريد حكومة لسبعة اشهر فقط،مع ان الملك قال انه يريد حكومة مع برنامج لاربع سنوات،وكتل اخرى تقترح تعديلا وزارياً على ذات الحكومة مع بقائها،ومجموعة اخرى لا تريد اي تغيير،وتريد بقاء الحكومة بمن فيها.
هذه مجرد بروفة تم فيها تفويض المادة خمسة وثلاثين من الدستور التي تخص تسمية الملك لرئيس الحكومة الى النواب،والبروفة اثبتت ان البنية الاجتماعية والسياسية للانسان العربي غير قادرة على ممارسة الديموقراطية،وهو ذات المشهد الذي نراه من تعثرات في مصر وتونس وليبيا ودول اخرى.
المشهد مثير حتى لو تحدث البعض عن انتاج عرف التوافق المسبق بين النواب على الرئيس،فأنه من ناحية دستورية لايوجد اصل نهائيا لفكرة تصويت الكتل على اسم الرئيس مسبقا،فمن اين جئتم بهذا التصويت ،ولا اصل دستورياً له،حتى لو اقنعتمونا ان القصر يريد منح قوة اضافية للنواب وتوسعة مداراتهم.
كل المشهد مثير للتساؤلات،فلماذا يتم حرق اسماء يتم التصويت عليها كرئيس للحكومة،وادخالها في سباق غير دستوري للاختيار و اهانة من لا ينجح في التصويت وادانته سياسياً باعتباره مرفوضاً شعبياً؟!.
الامرغير قائم في أسسه،فلماذا التذاكي على الناس،بانتاج مسمى جديد للحكومة البرلمانية فيه تشويه والتفاف على المعنى الاساس؟!.
اسبوعان وخض الماء مستمر،عساه ينتج سمناً،والعملية كلها ولدت انقسامات نيابية ومعسكرات ومنافسات بين النواب،لانها قامت على اسس غير منطقية،وقد قلنا سابقاً ان المفارقة ان المرشح لرئاسة النواب الذي خلفه ثلاث كتل فشل،والمرشح الذي لا توجد خلفه كتل بات رئيساً،وهذا يقول اننا لا يمكن ان نعمل جماعياً،ولاضمن فريق،ولا توافق،فالفردية السياسية تأسرنا من رأسنا الى أساسنا.
يكفينا هذا الهدر والنزيف القاتل في حياتنا.يكفينا كل هذا الوقت المضاع في مشاورات ومفاوضات وانقسامات وانشطارات.
الناس في البلد لم يعودوا يصدقون شيئاً،وكل اسم تخرج في وجهه مئات الاعتراضات،وسوف تتكرر القصة عند البحث عن وزراء،وقدح النواب بات يتجاوز النقد المحترم،الى الاساءة اليهم،لان مجمل العملية يخضع لحالة من اللامعايير،وبدلا من رفع اسهم النواب بهذه العملية انقلبت الى سبب للاضرار بهم شعبياً للاسف الشديد.
يكفينا هذا الضرب في العصب العام،ودعونا من هذه اللعبة،واختاروا رئيسا للحكومة وكلفوه ببرنامجه،ودعوه يتحمل المسؤولية،بدلا من قلب المشهد،اذ نرى العربة تقود الحصان،في مشهد اعجزنا عن فهم خارطته السرية.
عمان السياسية باتت بحاجة الى كهنة وعرافين حتى يفهموها،والاغلب انهم لن يفهموها ايضاً،وسيفروا منها معلنين اعتزال .المهنة
بقلم: ماهر أبو طير