قلق على الوزير الوريكات من مؤامرات الفاسدين

 


أن يعلق الممرضون اضرابهم عن العمل لمدة شهر كامل يعني أنهم يثقون بوعود وزير الصحة عبد اللطيف وريكات، بالسعي لكي تستجيب الحكومة لمطالبهم المالية والإدارية.

أما أن يضرب الممرضون ابتداء فهذا يعني أمران:

الأول: عدم استجابة الحكومة لمطالبهم حتى الآن.

الثاني: عدم الثقة بالوعود الحكومية.

في الوقت الذي يسعدنا أن يكون هناك وزير اردني موضع ثقة، لندرة مثل هذه الحالة، نتمنى أن يلهم الله رئيس الحكومة الذي ينتظر التكليف بتشكيل أول حكومات ما بعد الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، اختيار المزيد من أمثال الوزير الوريكات.. آخذين بعيد الإعتبار أن أهم موجبات اجراء الإنتخابات البرلمانية المبكرة كان استعادة ثقة المواطنين بالحكومة والحكم.

وهذا يستوجب اساسا عدم التفريط بالوزير الأردني النادر.

ما زلت، وزملائي في الصحافة الإلكترونية نذكر كلمات الوزير الوريكات في الحفل الرمضاني الذي اقامه على شرفنا، معلنا فيه أنه ينحني احتراما للصحافة الإلكترونية، لأنها تكشف العيوب التي تعتري بعض نواحي الأداء في وزارته، فتساهم في بدء العلاج.

يومها ارتأيت أننا نحن كصحفيين من يجب أن ينحني لهامة الوزير الذي لا يضيع ولو قليل وقت، يشغله عن متابعة مسيرة الإصلاح التي يقودها في وزارته وعبرها، من أجل الحفاظ على صحة، ودواء وغذاء الأردنيين.

بالطبع، الوزير الوريكات هو صاحب الفضل في الحملة الوطنية التي تقودها الوزارة تحت اشرافه، وبالقيادة الميدانية لكل من الدكتور هايل عبيدات مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء، والدكتور حيدر الزبن مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس، والتي لم تترك مطعما أو فندقا أو مولا.. أو أي منفذ بيع غذاء أو دواء دون أن تخضعه لرقابتها، واجراءاتها في حال المخالفة.. بغض النظر عن حجم الدعم والتأييد الذي يلقاه هؤلاء من أصحاب النفوذ، بما في ذلك النفوذ الحكومي.

العليمون بخبايا الأمور يؤكدون أن نافذون حكوميون لا يتورعون عن ممارسة الضغط على عبيدات والزبن كي يغضوا الطرف عن مخالفات جسيمة تطال صحة المواطن الأردني، وتتهدد حياته بالخواطر الجسيمة.

يفعلون ذلك ليس لوجه المجرمين الذين لا يردعهم ضمير عن تهديد حياة المواطن الأردني بجسيم الأخطار، وإنما بأمل أن ينالهم، أو لأنهم ينالهم نصيب من مليارات الدنانير التي يجبيها تجار الأغذية والأدوية الفاسدة، التي يقذفون بها وبسمومها إلى جوف المواطن الأردني دون أي وازع..!

لذا؛

فأن يشارك عدد من النواب في الإضراب المفتوح الذي نفذه الممرضون في الخامس والعشرين من شباط/فبراير، لا يجوز أن ينظر إليه فقط من زاوية انتصار نواب لسلامة غذاء ودواء المواطن.

الأمر قد يتجاوز ذلك إلى غيره.

وهذا يجعلنا نتحسب من أن تعمل مافيا الفساد على اطاحة الوزير الوريكات، والمديرين عبيدات والزبن من مواقعهم، وهي قد تكون قادرة على ذلك، والنجاح في تحقيق خرق وتسلل من بين ثنايا العملية المعقدة والغامضة التي ابتدعت لتكليف رئيس الحكومة المقبل، ووزرائه، ولا يوجد لها نظير في العالم أجمع.

في الذاكرة أيضا مخزون من بين مفرداته امتناع وزارة المالية في عهد الحكومتين الحالية وسابقتها، عن تسديد موازنة وزارة الصحة، وبالتالي عجز الوزارة عن تسديد فاتورة استهلاك الكهرباء لمختلف مديريات الصحة في المحافظات، وصدور أمر عن وزير المالية ذاته يقضي بقطع التيار الكهربائي عن المديريات غير المسددة لفواتيرها..!

أن يضرب الممرضون سعيا وراء فرض مطالبهم على الحكومة، أمر مشروع جدا.

أما أن يتم اختيار الفترة الزمنية الفاصلة بين عهد الحكومة المستقيلة، والحكومة المنتظرة، فهو أمر يصعب تقبله، أو تصور براءته.. لأن الحكومة المستقيلة لا تستطيع أن تجترح علاجا ناجزا لمطالب الممرضين في فترة تسيير الأعمال، لأن القرار ليس للوزارة، بل هو للحكومة، وخاصة وزارة المالية..!!

لقد وعد الوزير الوريكات بتلبية مطالب الممرضين، لكن تنفيذ هذه المطالب يستوجب:

أولا: تمكنه من اقناع رئيس الوزراء المقبل بذلك، وموافقة وزير المالية عليه.

ثانيا: أن لا ينجح من يخططون للتخلص منه في تحقيق مساعيهم الخبيثة.

ثالثا: أن يفتح نقيب الممرضين، والممرضين عيونهم جيدا، حين يتخذون أي قرار بخصوص كيفية وآلية تنفيذ مطالبهم، ويكونوا أكيدين أن الإجراء الذي يتخذونه مهل لأن يحقق مطالبهم، ولا يبطن التخلص من وزير اصلاحي.

عليهم أن يفكروا جيدا: هل يمكن تحقيق مطالبهم على يدي وزير فاسد، إن لم يتمكنوا من تحقيقها على يدي وزير اصلاحي..؟!

مرة أخرى: بقاء الوزير الوريكات في وزارة الصحة هو المؤشر إلذي جدية الإصلاح في الأردن من عدمه.

الأمر بطبيعة الحال لا يتوقف عند الوزير الوريكات، لكنه يتجاوزه أيضا إلى كبار مساعديه في وزارة الصحة.

ولا يعقل أن يكون في حكومتنا الرشيدة فقط وزيرا اصلاحيا واحدا.. لكن الوزير الوريكات هو الأكثر استهدافا في هذه المرحلة، تماما كما هما الغذاء والدواء الفاسدين الأكثر تحقيقا للأرباح الخرافية بالنسبة للفاسدين.