المؤسسات الصحافية مَنْ يحميها

 

 
آن الأوان كي تتفق صحفنا على صيغة محددة للتعامل مع مصادر دخلها، من الإعلانات والاشتراكات الحكومية بالذات، ولنترك القطاع الخاص حسب رغبته وقناعاته. وعلى النقابة أن تتخذ خطوات أكثر فاعلية لدى جميع الأطراف، لحماية المؤسسات الصحافية ومهنة الصحافة. وعلى الحكومة أن تعيد النظر بمدونة السلوك الإعلامي في تعامل الحكومة مع وسائل الإعلام. ، وأن يتم تقويم نتائجها سلبا أو إيجابا، وبيان مدى تأثيرها على نمو وتطور الإعلام ووسائله، خاصة المقروء منها.
الإعلام سلطة كغيره من السلطات، وجزء أساسي من متطلبات المواطنين وحاجاتهم المعلوماتية، الترفيهية والثقافية ..الخ، وهو الحاضنة التي تحرص على مشاركة المواطن الحقيقية في صنع القرار والتعبير عن آرائه. وبمثل ما يحتاج الوطن و المواطن للسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فهو بأمس الحاجة للاعلام السلطة الرابعة، التي تقدمها الدول المتطورة على العديد من السلطات .
المؤسسات الاعلامية هي بالأساس مؤسسات وطنية برسالتها وممارستها واهدافها، وهي جزء من النظام السياسي الأردني، بل الاجتماعي والاقتصادي ، ومن حقها على الدولة عدم محاربتها، إذا لم تدعمها ، فبمثل ما هي السلطة القضائية مستقلة وكذلك التشريعية فالاعلام ايضا سلطة مستقلة، لكنها من دون رعاية مادية تسهم في تطويرها وتنميتها والنهوض بها. فمشاركة القطاع الخاص لا تلقى من الحكومة الدعم، لترسيخ مفهوم المشاركة، خاصة عندما يجد المستثمر أن جَهده وأمواله محاربان، بدل التعزيز والدعم، وتهيئة المناخات والظروف الملائمة للنمو. فمدونة السلوك التي ما زال تأثيرها ماضيا ، بأمس الحاجة إلى التعديل حتى نُعظّم دور القطاع الخاص، ونشجع المستثمرين على الاستثمار في هذا المجال .
مدونة السلوك التي حددت الاشتراكات الصحافية وقزمت الاعلانات، بحجة الهيمنة والابتزاز، أثرت بشكل واضح على نمو وتطور الصحف، وشكلت عبئا كبيرا حال دون تنفيذ العديد من البرامج التطويرية التي قد يتعدى بها الإعلام الأردني حدود الوطن، وإيصال الرسالة الأردنية بعناوينها الوحدوية الواضحة.
من حق الصحف، التي تترجم جَهْدًا بشريا وماديا وفكريا ان تحافظ على هذا المنتج، وعلى الحكومة تقدير ذلك، ليس بالدفع المادي المباشر، بل تترك المؤسسات تطبق قوانينها، بكل ما يتعلق بالاعلان والاشتراك، شريطة أن لا تميز بين الصحف على أساس المواقف، وهنا يأتي دور الحكومة لحماية مستوى الإعلام وإبقائه مزدهرا بعيدا عن التدخل بالسياسات التحريرية ولا بفرض الشروط أو التغول على حرية الصحف.
زملاؤنا بالنقابة؛ يجب أن يكون لهم دور رئيسي في حماية المؤسسات الإعلامية، والسعي نحو تطويرها، وأن تكون لديها فلسفة واضحة في الأولويات، مع وجود برنامج واضح، في العمل مع الحكومة، لإعادة تصويب الأوضاع ، فكما هي الحال في الاذاعة والتلفزيون، فإن الصحف الورقية لا تربح بمجرد بيع الصحيفة الورقية، بل تتضاعف خسائرها كلما ركزت على حسن المنتج وغزارة المضمون .
الصحف الأردنية جميعها تحتاج إلى التضامن من أجل أن تعيد حساباتها وعلاقتها بالحكومة، ليس من باب الريعية، بل من باب الحقوق، خاصة أن أموال الحكومة هي من أموال الناس الذين هم المستهدفون من كل جَهد أو منتج إعلامي.
على الحكومة أن تدرك مسؤولياتها تجاه الاعلام، بحمايته وتطويره، لا محاصرته وتحطيم مجاديفه.
وهنا يبدأ دور زميلنا وزير الاعلام في أن يسجل بصمة يتمناها كل مسؤول، خاصة أن رئيس الحكومة الحالي من أكثر رؤساء الحكومات إدراكا لأهمية الإعلام وضرورة دعمه .