مشاورات أم ثرثرة
في البداية كنا نقول إن انتاج حكومة برلمانية من رحم مجلس فردي هو عملية مستحيلة لا سيما أن كتلة غير متماسكة وغير قادرة على ممارسة
أدبيات الانتقاء السياسي.
لكن بعد بدء المشاورات بين الدكتور فايز الطراونة (ممثل الملك) وبين كتل المجلس اكتشفنا أن المشاورات تقترب من الثرثرة، ولا تمت للفعل السياسي بأي صلة.
يجلس ممثل الملك مع الكتل ويستمع لمحاضرات أكاديمية عنوانها «مواصفات الرئيس القادم للوزراء» دون تحديدات أو اسماء أو حتى اشارات تقيد المطلق وتخصص العام.
هذا فعل غير سياسي، الأصل ان ينظر ممثل الملك الى حجوم الكتل، ويختار الكتلة الأكبر منها، ويطلب مباشرة أن تسمي رئيسا او تذهب الى تحالف مع كتل اخرى في حال كانت لا تتوافر على الاغلبية.
ثم يرفع الاسم الى الملك حسب الدستور الذي يجعل الامر بيد القصر، وعليه تنتهي هذه المرحلة، وتنطلق مشاورات اخرى تتعلق بالفريق الوزاري.
ما يجري في بسمان ثرثرة تقترب من اضاعة الوقت، وتسويف يهرب من دينامكية يمكن لها ان تؤسس لثقافة سياسية تقود بحق نحو حكومة برلمانية.
كل هذا يجري تحت عنوان اختيار منصب رئيس الوزراء، فما بالك حين نأتي على تسمية الفريق الوزاري، ماذا سيحل بالكتل حين تظهر المناطقية والفردية بأجلى حللها.
هناك من يريد من النواب الذهاب بنا الى تجربة (النائب الوزير ورئيس الوزراء النائب) وحتى هذه لن تصمد امام اختيارات الكتل، فطغيان الذات ما زال مسيطرا والبركة بمنتجات قانون الصوت الواحد.
ما يجري يثبت فشل التجربة وأنها لا تخرج عن كونها تلفيقا صوريا يريد نحت التغيير واظهاره بمظهر الانجاز الاصلاحي المنتظر.
الثرثرة اضاعة للوقت والجهد، والنهاية ستكون بتدخل من الملك، حيث يحسم الاسماء ويضعها امام البرلمان كي تنال الثقة كما في كل المرات السابقة.
قلناها في مقالة سابقة او بمعناها (لا منسف بدون لبن وجميد)، وعليه يجب التوقف عن التلاعب بالمعطيات وان نترك فلسفة ذر الرماد بالعيون غير المجدية بعيدا.
سننتظر ونراقب المشهد، وبظني ان الطريقة التقليدية ستبقى سائدة وان الاسم القادم لرئيس الوزراء سيبقى تقليديا وعندها سنراوح مكاننا بانتظار رحيل المجلس لتعود حليمة لعادتها القديمة.