النواب والحكومة الجديدة في طريق مسدود





لا شك أن الوقت الدستوري قد اربك المسؤولين في موضوع تشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة وذلك لعدة أسباب, منها أن معظم النواب كانوا يتوقعوا أن لا يكون وسيطاً بينهم وبين جلالة الملك ذاك الوسيط الذي من المفروض به أن يكون حيادياً وبلا اجنده وتقتصر مهمته على نقل رغبات النواب بموضوع الرئيس الجديد بلا رتوش. 
الشارع الأردني عرف توجهات الأغلبية النيابية من خلال تصريحاتهم ومن خلال ما رشح عن لقائاتهم مع رئيس الديوان الملكي. 
فالأغلبية ترغب برئيس جديد لم يمارس هذا المنصب من قبل مثلما ترغب هذه الأغلبية بأن يكون الرئيس الجديد من رحم البرلمان هو وحكومته أو أن يكون الرئيس من البرلمان وحكومته من خارج البرلمان وقسم ثالث يرغب بأن يكون الرئيس ووزرائه من خارج البرلمان بالتشاور مع الكتل البرلمانية لتقترح اسماء وزراء من خارج البرلمان أيضاً. 
ويلاحظ أن أكثر من ثلثي اعضاء المجلس النيابي قد اجتمعوا في الديوان الملكي مع رئيس الديوان وأوصلوا له رغباتهم كي يوصلها لجلالة الملك, ويبدو أن كتله واحده نشكل 10% من مجلس النواب كان لها موقف متناسق مع رغبة رئيس الديوان بتكليف الرئيس المستقيل باعادة تشكيل الحكومة وهذا التكتل حصل به انشقاق بعد الاجتماع مع رئيس الديوان لأن رئيس الكتلة قد سمى الرئيس الجديد وحسب ما أشار اليه المستقيلين أنهم لم يتفقوا على ذلك قبل الاجتماع بالديوان. 
وعودة للموضوع فإن تسميه شخص لرئاسة الحكومة من قبل المجلس يلزم المجلس باعطاء الثقة لذاك الشخص مسبقاً ولا يكون المواطنون قد حققوا ما كانوا يصبون اليه من خلال التعديل الدستوري الأخير بموضوع الحكومة. ذاك التعديل الذي فهم منه الكثيرين أن على النواب أن يختاروا نهجاً حكومياً وبرنامجاً وزارياً متكاملاً يطلبون من الملك اختيار الرئيس الذي يرى بنفسه الكفاءة لتنفيذ البرنامج الحكومي. وباعتقادي أن هذه هي الرسالة التي التقطها النواب من جلالة الملك لا من رئيس الديوان فنرى أغلبيتهم لم يسموا شخصاً بعينه وانما كانت لهم مواصفات محدوده من بينها أن لا يكون الرئيس الجديد من أصحاب الدولة السابقين وبالنسبة لاعضاء الحكومة اختلفوا فمنهم من قال أن الوزراء من النواب ومنهم من قال أن الوزراء والأعيان يرشحون من قبل الاحزاب والتكتلات داخل المجلس النيابي شريطة ان لا يكونوا نواباً. فلم تجمع الأغلبية الا على أمر واحد وهو ان لا يكون رئيس الحكومة من الرؤساء السابقين ابتداء من دولة أحمد اللوزي وانتهاء بدولة عبد الله النسور. فإذا لم تتحقق هذه الرغبة للنواب فكيف سيلمس الشارع الأردني التغيير طالما أن أصحاب المواقع لا زالوا على حالتهم فالرئاسات الثلاث بالأعيان والنواب والحكومة يتناوبها الأشخاص ذاتهم واضيف لهم رئيس الديوان الملكي بأن عاد لمركزه الدي كان يشغله قبل أكثر من ثلاثة عشر عاماً. 
وخلاصة القول أمام ما ذكرت لا شك أن مشاورات رئيس الديوان مع النواب وصلت إلى الطريق المسدود ولا بد لجلالة الملك من تكليف رئيس حكومة له برنامجه الاقتصادي والسياسي المنسجم مع كتاب التكليف والمتناسق مع الرغبة الوحيدة التي أجمع عليها غالبية النواب بأن لا يكون من الرؤساء السابقين. 
وان يراعي مبدأ فصل السلطات بعدم اشراك النواب بالحكومات حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا, ولأن الناخبين انتخبوا النواب للرقابة والتشريع لا للدخول بالوزاره والحصول على التقاعد. 
حمى الله الأردن والأردنيين وان غداً لناظره قريب